أخطئوا في تأويلهم فيما تلفظ به رسولهم إما فيما ترجمه عن الله وإما فيما شرع له أن يشرعه قولا وفعلا وليس في المنازل الإلهية كلها على كثرتها ما ذكرنا منها في هذا الكتاب وما لم نذكر من يعطي النصاف ويؤدي الحقوق ولا يترك عليه حجة لله ولا لخلقه فيوفي الربوبية حقها والعبودية حقها وما ثم إلا عبد ورب إلا هذا المنزل خاصة هكذا أعلمنا الله بما ألهمه أهل طريق الله الذي جرت به العادة أن يعلم الله منه ورثة أنبيائه وهو منزل غريب عجيب أوله يتضمن كله وكله يتضمن جميع المنازل كلها وما رأيت أحدا تحقق به سوى شخص واحد مكمل في ولايته لقيته بإشبيلية وصحبته وهو في هذا المنزل وما زال عليه إلى أن مات رحمه الله وغير هذا الشخص فما رأيته مع أني ما أعرف منزلا ولا نحلة ولا ملكة إلا رأيت قائلا بها ومعتقدا لها ومنصفا بها باعترافه من نفسه فما أحكي مذهبا ولا نحلة إلا عن أهلها القائلين بها وإن كنا قد علمناها من الله بطريق خاص ولكن لا بد أن يرينا الله قائلا بها لنعلم فضل الله علي وعنايته بي حتى أني أعلمت أن في العالم من يقول بانتهاء علم الله في خلقه وأن الممكنات متناهية وأن الأمر لا بد أن يلحق بالعدم والدثور ويبقي الحق حقا لنفسه ولا عالم فرأيت بمكة من يقول بهذا القول وصرح لي به معتقدا له من أهل السوس من بلاد الغرب الأقصى حج معنا وخدمنا وكان يصر على هذا المذهب حتى صرح به عندنا وما قدرت على رده عنه ولا أدري بعد فراقه إيانا هل رجع عن ذلك أو مات عليه وكان لديه علوم جمة وفضل إلا أنه لم يكن له دين وإنما كان يقيمه صورة عصمة لدمه هذا قوله لي ويعطيه مذهبه وليس في مراتب الجهل أعظم من هذا الجهل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى السفر السابع والعشرون بانتهاء الباب الثالث والثمانين وثلاثمائة وحسبنا الله ونعم الوكيل بسم الله الرحمن الرحيم (الباب الرابع والثمانون وثلاثمائة في معرفة المنازلات الخطابية) الفصل الخامس في المنازلات وهو من سر قوله عز وجل وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب وهو من الحضرة المحمدية منازلات العلوم تبدي * حقائق الحق والعباد بلا تغال ولا مراء * ولا جدال ولا عناد فقل لعقلي أقصر فنقلي * يهدي إلى الغي والرشاد فكل ذكري إلى صلاح * وبعض فكري إلى فساد فأنفع العلم علم فقري * للسيد الواهب الجواد اعلم أيدك الله وإيانا وأن المنازلة فعل فاعلين هنا وهي تنزل من اثنين كل واحد يطلب الآخر لينزل عليه أو به كيف شئت فقل فيجتمعان في الطريق في موضع معين فتسمى تلك منازلة لهذا الطلب من كل واحد وهذا النزول على الحقيقة من العبد صعود وإنما سميناه نزولا لكونه يطلب بذلك الصعود النزول بالحق قال تعالى إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه فهو براقه الذي يسرى به إليه وينزل به عليه ويقول تعالى في حق نفسه على ما ذكره رسول الله ص عنه فقال ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة الحديث بطوله فوصفه بالنزول إلينا فهذا نزول حق لخلق ومنا نزول خلق لحق لأنه لا يتمكن لنا أن يكون لنا العلو والكبرياء والغنى عنه فلنا صفة الصغار والفقر إليه وله صفة الغنى والكبرياء فكلنا إليه فقير * وكلنا لديه صغير * وكلنا نراه سوانا * وهو الغني عنا الكبير إلا أنا فإني أراه * عيني وإنني لخبير * وبعد أن علمت ذا قلت إني * إلى غناه عبد فقير وعلى الحقيقة فبنا ننزل عليه وبنا ينزل علينا ولولا ذلك ما علمنا ما يقول في خطابه لنا فإنه الغني الحميد وعلى حقيقة الحقيقة فبه ننزل عليه وبه ينزل علينا وسواء كانت منازلة أو نزولا تاما فيكون المتكلم والسامع فهو يعلم ما يقول فإنه سمع من كان هذا مقامه فما سمع كلامه غيره ولما كان هو الأصل لم نكن إلا به فإن الفرع بصورة الأصل يخرج
(٥٢٣)