لا على ما يشهدونه فينكرون النكرة ويعرفون المعرفة إذ كان الوجود مبناه على المعرفة وهو الأصل فلما جاءت الأمثال والأشباه ظهر التنكير فافتقرنا إلى البدل والنعت وعطف البيان ولولا الأمثال وحصول التنكير ما احتجنا إلى شئ وليست الحدود الذاتية للأشياء تقوى قوة النعوت فإن الحدود الذاتية مثلا للإنسان بما هو إنسان لا تميز زيدا عن عمرو فلا بد من زيادة يقع بها تعريف هذا التنكير لو قلت جاءني إنسان لم يعرف من هو حتى تقول فلان فإن كان في حضرة التنكير نعته أو أبدلت منه أو عرفته بعطف البيان حتى تقيمه في حضرة التعريف ليعرف المخبر به من أردت وهذا مقام لم يتحقق به أحد مثل الملامية من أهل الله وهم سادات هذا الطريق ومن الناس من ينكر على الحق لا على جهة الاعتراض عليه وإنما يطلب بذلك أن يعلم ما هو الأمر عليه الذي جهله بالتعريف الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد على من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ومن هذا المقام قولي قلت لمن يخلق ما يخلق * ما لك لا تبقي الذي تخلق فقال لي إن المحل الذي * أخلقه في نفسه ضيق ما يقبل التكوين إلا كذا * فاسكت فإن الباب لا يغلق ما العين إلا واحد دائم * فلا تبالي أنه مطلق أجدد التكوين في عينه * والناس في لبس فلا تنطق خلف حجاب المثل أبصارهم * لذلك الوهم لهم يسبق فاستنشق العرف من إعراضهم * فإنها المسك الذي يعبق فانظر إلى موجد أعيانهم * ما هو غير هكذا حققوا فكل ما يرى منه بناؤه * من صورة في ذاتنا تعلق أرواحهم غذاء أشباحهم * وروحهم من ثمري تعلق (وصل) الحدود الذاتية الإلهية التي يتميز بها الحق من الخلق لا يعلمها إلا أهل الرؤية لا أهل المشاهدة ولا غيرهم ولا تعلم بالخبر لكن قد تعلم بعلم ضروري يعطيه الله من يشاء من عباده لا يلحق بالخبر الإلهي وما ثم أمر لا يدرك من جهة الخبر الإلهي إلا هذا وما عدا هذا فلا يعلم إلا بالخبر الإلهي أو العلم الضروري لا غير فحدود الموجودات على اختلافها هي حدود الممكنات من حيث أحكامها في العين الوجودية وحد العين الوجودية الذاتي ليس إلا عين كونها موجودة فوجودها عين حقيقتها إذ ليس لمعلوم وجود أصلا وغاية العارفين أن يجعلوا حدود الكون بأسره هو الحد الذاتي لواجب الوجود والعلماء بالله فوق هذا الكشف والمشهد كما ذكرناه قبل وهم رضي الله عنهم يحافظون على هذا المقام لسرعة تفلته من قلوبهم فإنه من لم تستصحبه الرؤية دائما مع الأنفاس فإنه لا يكون من هؤلاء الرجال وهذا مقام من يقول ما رأيت إلا الله فإن قيل له فمن الرائي قال هو فإن قيل له فمن القائل قال هو فإن قيل له فمن السائل قال هو فإن قيل له فكيف الأمر قال نسب تظهر فيه منه له فما ثم في ثم إلا هو وهو عين ثم وهذا هو مشهد أبي يزيد البسطامي رضي الله عنه بالحال إن لله حدودا عرفت * بوجودي وبها قد عرفا لو يراها أحد من خلقه * مثل ما شاهدتها ما انصرفا لا يرى ما قلته إلا الذي * لم يزل بربه متصفا أو عليما عن دليل قاطع * بوجودي أو حكيما منصفا وممن عرف الحق من كان الحق سمعه وبصره وجميع قواه فمن قواه العلم بالأمور والحق تلك القوة والعبد موصوف بها فهو موصوف بالحق والحق يعلم نفسه فهذا العبد عالم به من حيث ما هو الحق عين صفته فما علمه إلا به ومن له هذا المقام من العلم بالله فلا يجاريه أحد في علمه بالله فهذا هو العالم بالحد الذاتي الذي لا ينقال (وصل) رأيت بقونية في
(٢٢٧)