مرآة إلا بالرؤية فإذا أقامك الحق في العبودة المطلقة التي ما فيها ربوبية فأنت خليفة له حقا فإنه لا حكم للمستخلف فيما ولى فيه خليفة عنه جملة واحدة فاستخلفه في العبودة فلا حظ للربوبية فيها لأن الخليفة استقل بها استقلالا ذاتيا فهو بيد الله وفي ملك الله قال تعالى سبحان الذي أسرى بعبده فجعل عبدا محضا وجرده عن كل شئ حتى عن الإسراء فجعله يسرى به وما أضاف السري إليه فإنه لو قال سبحان الذي دعى عبده لأن يسرى إليه أو إلى رؤية آياته فسرى لكان له أن يقول ولكن المقام منع من ذلك فجعله مجبورا لا حظ له من الربوبية في فعل من الأفعال (الوصل الثالث) من خزائن الجود فيما يناسبه ويتعلق به من المنزل الثالث وهو يتضمن علم الأمر الواقع عند السؤال فإن الأوامر منها ما يقع ابتداء ومنها ما يقع جوابا ويتضمن علم الهوية والفرق بين الهوية والأحدية والواحدية ويتضمن علم مسمى الله ما هو ولما ذا ينعت ولا ينعت به وحقيقة الهوية هل لها شبه بشئ من العالم في شئ من الوجوه أو لا شبه فيها بوجه من الوجوه وصورة ما يتقيد به الاسم الله إذا ورد بقرائن الأحوال ويتضمن علم ظهور العالم هل هو ظهور ذاتي لذات الحق أو لحكم ما تقرر في العلم الإلهي أو ظهر بحكم الاختيار فيكون العالم لما يضاف إليه حتى تتبين المراتب ويتضمن علم نفي المماثل الذي لو ثبت صح أن يكون العالم بينهما فما هو لنا أب ولا نحن أبناء بل هو الرب ونحن العبيد فيطلبنا عبيدا ونطلبه سيدا تعالى عن التحديد بالفكر والخبر * كما جل عن حكم البصيرة والبصر فليس لنا منه سوى ما يرومه * على كل حال في الدلالات والعبر فاعلم أني ما تحققت غيره * واعلم إني ما علمت سوى البشر لذا منع الرحمن في وحيه على * لسان رسول الله في ذاته النظر فقال ولا تقف الذي لست عالما * به فيكون الناظرون على خطر فلم يولد الرحمن علما ولم يلد * وجودا فحقق من نهاك ومن أمر ولما لم يكن في الإمكان أن يخلق الله فيما خلق قوة في موجود يحيط ذلك الموجود بالله علما من حيث قيامها به لم يدرك بعقل كنه جلاله ولم يدرك ببصر كنه ذاته عند تجليه حيثما تجلى لعباده فهو تعالى المتجلي الذي لا يدرك الإدراك الذي يدرك فيه هو نفسه لا علما ولا رؤية فلا ينبغي أن يقفو الإنسان علم ما قد علم أنه لا يبلغ إليه قال الصديق رضي الله عنه العجز عن درك الإدراك إدراك فمن لا يدرك إلا بالعجز فكيف يوصف المدرك له بتحصيله كلما فيه نكاح وازدواج * هو مقصود لأرباب الحجاج فإذا انتجني أنتجه * فترانا في نكاح ونتاج فالذي يظهر من أحوالنا * هو ما بين اتضاح واندماج فكما نحن به فهو بنا * إن عين الضيق عين الانفراج واعلم أن من خزائن الجود أن يعلم الإنسان أنه لا جامع له بين العبودة والربوبية بوجه من الوجوه وإنهما أشد الأشياء في التقابل فإن المثلين وإن تقابلا فإنهما يشتركان في صفات النفس والسواد والبياض وإن تقابلا فلم يمكن اجتماعهما والحركة والسكون وإن تقابلا فلم يمكن اجتماعهما فإن الجامع للبياض والسواد اللون والجامع للحركة والسكون الكون والجامع للأكوان والألوان العرضية فكل ضدين وإن تقابلا أو مختلفين من العالم فلا بد من جامع يجتمعان فيه إلا العبد والرب فإن كل واحد لا يجتمع مع الآخر في أمر ما من الأمور جملة واحدة فالعبد من لا يكون فيه من الربوبية وجه والرب من لا يكون فيه من العبودية وجه فلا يجتمع الرب والعبد أبدا وغاية صاحب الوهم أن يجمع بين الرب والعبد في الوجود وذلك ليس بجامع فإني لا أعني بالجامع إطلاق الألفاظ وإنما أعني بالجامع نسبة المعنى إلى كل واحد على حد نسبته إلى الآخر وهذا غير موجود في الوجود المنسوب إلى الرب والوجود المنسوب إلى العبد فإن وجود الرب عينه ووجود العبد حكم يحكم به على العبد ومن حيث عينه قد يكون موجودا
(٣٧١)