مشهد من المشاهد شخصا إلهيا يقال له سقيط الرفرف ابن ساقط العرش ورأيت بفاس شخصا يوقد في الأتون ممن سقط وصحبته وانتفع بنا فإن جماعة من أهل الله يعرضون عن الساقطين وسبب ذلك إنهم ما بلغوا من معرفة الله بحيث إنهم يرونه عين كل شئ فلما حصروه صار عندهم كل من سقط من ذلك المقام الإلهي الذي عينوه أعرضوا عنه لبعده عندهم من الله تعالى والعلماء بالله ما لهم حالة الإعراض عن هؤلاء لأنهم في حال الثبوت وحال السقوط ما خرجوا عن المقام الإلهي وإن خرجوا عن المقام السعادي فلا أثر للسقوط عندهم فهم مقبلون على كل ساقط قبول رحمة أو قبول علم ومعرفة لأنهم علموا أين حصل لما سقط أو من هو الذي سقط وقد رفع الله المؤاخذة عنهم وعمن كانوا عنده وهذا من أعظم العناية لمن عقل عن الله بهم وهم لا يشعرون ولا يشعر بهم إلا العلماء بالله قال تعالى وما تسقط من ورقة وهي ما تسقط إلا من خشية الله كما قال وإن منها لما يهبط من خشية الله والهبوط سقوط بسرعة عن غير اختيار والجبر الأصل فهذا حكم الأصل قد ظهر في الساقطين إذا سقط النجم من أوجه * وكان السقوط على وجهه فما كان إلا ليدري إذا * تدلى إلى السفل من كنهه فيعرف من نفسه ربه * كما يعرف الشبه من شبهه (وصل) وأما رجال الله الذين يحفظون نفوسهم من حكم سلطان الغفلة الحائلة بينهم وبين ما أمروا به من المراقبة فهم قسمان قسم له الإطلاق في الحفظ كإطلاق حكم الشرع في أفعال المكلف وقسم له التقييد في الحفظ ظاهرا لا باطنا فأما أهل الإطلاق فمنهم من يحافظ على ما عين الحق له منه إنه وسعه وهو القلب ومنهم من يحافظ على ملازمة الحجاب الذي يعلم أن الحق وراؤه فيكون له كالحاجب في العالم ينفذ أوامره وهذه حالة القطب فليس له من الله إلا صفة الخطاب لا الشهود لأنه صاحب الديوان الإلهي فلا يكون إلا من وراء حجاب إلى أن يموت فإذا مات لقي الله وهو مسؤول عن العالم والعالم مسؤول عنه وهذا هو مقام الرسل صلوات الله عليهم أجمعين وشركهم في هذا المقام من يحافظ على الصلوات في الجماعات إذا قدر عليها وعلى كثرة النوافل منها ليلا ونهارا ولما علموا إن الله على كل شئ حفيظ وهم من الأشياء وهم الذين ادعوا أنهم أهل الصورة المثلية لزمهم إن يقوموا في هذه الصفة فيصدق عليهم اسم الحفيظ على كل شئ فيحفظوا ما خصص الله به نفسه في ملكه من الحقوق التي له أن ينازعه فيها أحد من عالمهم وينوب عن العالم بأسره فيما فيه مصالحهم لما هو العالم عليه من الغفلة والجهل فبالجهل لا يعرف مصالحه من غير مصالحه وبالغفلة يغفل عن مصالحه وإن كان يعرفها إذا نبه لها فيكون هذا العبد الحفيظ على كل شئ مستحقا هذا الاسم ولما علم إن عليه من الله حافظا يكتب ما يعمله من أفعاله حفظ ما يملي عليه حتى يقع لصحيفته ميز على سائر الصحف إذا رفعت إلى الله هذا شأن القوم وأما أنا فأقول قل لمن يحفظ الأمور عليه * إنما يحفظ الوجود الحفيظ ولهذا إذا الحفيظة جاءت * وأتى للذي أتاه يغيظ قام فردا فزاحمته أمور * فيرى لازدحامهن كظيظ قلت من زاحم الأمور فقالوا * هو قلب فظ عليه غليظ ولما رأيت ما ينبغي لله وما ينبغي للعبد ورأيت ما حجب الله به عباده المنسوبين إليه من حيث إنه جعل لهم في قلوبهم أنهم يعتقدون أن لهم أسماء حقيقة وأن الحق تعالى قد زاحمهم فيها وحجبهم عن العلم بأن تلك الأسماء أسماؤه تعالى زاحموه بالتخلق بالأسماء الإلهية وقابلوا مزاحمة بمزاحمة وما تفطنوا لما لم يزاحمهم فيه من الذلة والافتقار الذي نبه لأبي يزيد عليها ولنا اعتناء من الله فهذه أسماؤهم لا ما ادعوها فزاحموه فيما تخيلوه من الأسماء أنها لهم وهم لا يشعرون ولقد كنت مثلهم في ذلك قبل أن يمن الله علي بما من به علي من معرفته فعلمني إن الأسماء أسماؤه وأنه لا بد من إطلاقها علينا فأطلقناها ضرورة لا اعتقادا وأطلقتها أنا ومن خصه الله بهذا العلم على الله اعتقادا وأطلقها غيرنا اضطرارا إيمانيا لكون الشرع ورد بها لا اعتقادا فحفظنا عليه ما هو له حين لم يحفظه ومكر بعباده وفي ذلك قلت
(٢٢٨)