والأعلى يدعوه إليه والأدنى لا يدعوه إليه فمن يدعوه إلى الأدنى حتى يحبس نفسه عليه وفيه علم ما يتعدى الإنسان أي إنسان كان في علمه بغيره علمه بنفسه وفيه علم شهود الكيفيات ومن هو الموصوف عندنا بالكيفية وفيه علم إلحاق الإنسان الكامل بربه والغيرة الإلهية على المقام إذا ظهر الإنسان بالفعل بصورة ربه وأن حكم الشئ بالفعل يعطي خلاف ما يعطيه بالقوة فاعطاؤه بالفعل أقوى وفيه علم الظهور والخفاء والراحة وفيه علم الأنفاس الظاهرة في العالم بالرحمة وما سبب ذلك وعموم دخول الخلق في هذه الأنفاس وفيه علم ما يريد الحق ظهوره ويريد الإنسان المخالف ستره وهو الذي يرى المصلحة في غير الواقع في الوجود ويحتاج صاحب هذا المقام إلى بصر حديد من أجل الموازين الشرعية فإن الجهل بما يراه الحق من المصالح أكثر من العلم بالمصالح الظاهرة في الكون إنها ليست مصالح في النظر العقلي عند العقلاء وهو علم دقيق إذا عمل به الإنسان عن كشف وتحقيق لم يخطئ أبدا وإذا عمل به من ليست له هذه الصفة أخطأ وهو الذي يقول العامة فيه خطأ السعيد صواب وصواب من ليس بسعيد خطأ ورأيت هذا في حطلحة بملطية وشافهني بذلك وفيه علم الامتزاج الذي لا يمكن فيه فصل وهو كل ضدين بينهما واسطة كالفاتر بين الحار والبارد لا يقدر أحد على فصل الحرارة من البرودة في هذا الفاتر وفيه علم الفرق بين من هو لله وبين من هو على الله وفيه علم الطريق إلى الله بالنية وإن لم تكن مشروعة فهي نافعة بكل وجه فإنه ما قصد إلا الله وعموم التجلي الإلهي معلوم فللعبد المشيئة في ذلك وفيه علم ما يختص بالاسم الرحمن دون غيره من الأسماء الإلهية وما ينبغي أن يعامل به الاسم الرحمن دون غيره من الأسماء الإلهية وفيه علم المسمى شيئا ما هو وفيه علم التناوب وأن المتناوبين لا يجتمعان وما يحدث في عالم الإنسان منهما وفيه علم التؤدة والسكون وأين يحمدان وفيه علم صفات السعداء من غيرهم عقلا وشرعا وفيه علم ما يقبل التبديل من الصفات مما لا يقبل وممن لا يقبله وفيه علم المحفوظين والمعصومين من العلماء العارفين بالله تعالى وفيه علم ما تنتج الذكرى من المؤمن وفيه علم من طلب الإمامة فأعين عليها وفيه علم عناية الدعاة إلى الله وشرف منزلتهم عند الله والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الموفي ستين وثلاثمائة في معرفة منزل الظلمات المحمودة والأنوار المشهودة) نور القبول على التحقيق إيمان * ونور فكرك آيات وبرهان فنور فكرك لا ينفك ذا شبه * وفيه وقتا زيادات ونقصان ونور إيمانك الأعلى له علم * في رأس مرقبة ما فيه بهتان ولي عليه إذا ما العقل ناظره * على مسالكه حكم وسلطان هو الضروري لا فكر ولا نظر * ولا يقيده ربح وخسران اعلم علمك الله ما يبقيك وجعلك ممن ينقيك إن النور يدرك ويدرك به والظلمة تدرك ولا يدرك بها وقد يعظم النور بحيث أن يدرك ولا يدرك به ويلطف بحيث أن لا يدرك ويدرك به ولا يكون إدراك إلا بنور في المدرك لا بد من ذلك عقلا وحسا سئل ص هل رأيت ربك فقال نور إني أراه فنبه بهذا القول على غاية القرب فإنه أقرب إلى الإنسان من حبل وريده ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون يقول الله ذلك في المحتضر فالحق هو النور المحض والمحال هو الظلمة المحضة فالظلمة لا تنقلب نورا أبدا والنور لا ينقلب ظلمة أبدا والخلق بين النور والظلمة برزخ لا يتصف بالظلمة لذاته ولا بالنور لذاته وهو البرزخ والوسط الذي له من طرفيه حكم ولهذا جعل للإنسان عينين وهداه النجدين لكونه بين طريقتين فبالعين الواحدة من الطريق الواحدة يقبل النور وينظر إليه بقدر استعداده وبالعين الأخرى من الطريق الأخرى ينظر إلى الظلمة ويقبل عليها وهو في نفسه لا نور ولا ظلمة فلا هو موجود ولا هو معدوم وهو المانع القوي الذي يمنع النور المحض أن ينفر الظلمة ويمنع الظلمة المحضة أن تذهب بالنور المحض فيتلقى الطرفين بذاته فيكتسب بهذا التلقي من النور ما يوصف به من الوجود ويكتسب بهذا التلقي من الظلمة ما توصف به من العدم فهو محفوظ من الطرفين ووقاية للطرفين فلا يقدر قدر الخلق إلا الله فهذا أصل الأنوار والظلمات الظاهرة في العالم
(٢٧٤)