المقام في حق نفسه وتعليما لنا إنما أنا بشر مثلكم فلم ير لنفسه فضلا علينا ثم ذكر المرتبة وهي قوله يوحى إلي ولا خلاف بين العقلاء أنه من تعاظم في نفسه بشرف غيره إنه أخرق جاهل إذ لم يكن شرفه بنفسه والأمر ليس كذلك فالعاقل الحاضر الشهيد لا يرى لنفسه شرفا يفتخر به على أمثاله ألا تراه ص إنه قال أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر فنفى أن يقصد بذلك الفخر ثم ذكر الرتبة التي لها الفخر الذي هو ص مترجم عنها وناطق بلسانها فذكر رتبة الشفاعة والمقام المحمود فالفخر للرتبة لا لنا فما هلك امرؤ عرف قدره ولنا بحمد الله في هذا المقام القدم الراسخة والمراتب نسب عدمية فلا فخر بالذات إلا لله وحده وإذا كان الفخر فينا للرتب والرتب نسب عدمية فما فخرنا إلا بالعدم وناهيك ممن فخره بالعدم فإن كنت تعقل ما قلته * فأنت المراد وأنت الإمام وإن كنت تجهل ما قلته * فأنت الجهول الذي لا يرام فللعلم فينا حجاب السنا * وللجهل فينا حجاب الظلام فقل للجهول بأحواله * ستعلم ذلك عند الحمام إذا كشف الله عن عينه * غطاء فلاحت بدور التمام (وصل) الأمر الإلهي نافذ في المأمور لا يتوقف لأمره مأمورة فإذا ورد الأمر الإلهي على لسان الكون ظهر في الأمثال فاعتزت النفوس أن تكون تتصرف تحت أوامر أمثالها فردت أوامر الحق إما على جهالة بأنها أوامر الحق وإما على علم بأنها أوامر الحق لكن أثرت فيها الواسطة لأن المحل برد الحال فيه إلى صورته كالماء في الأوعية إلا إن المأمور إذا كان على بينة من ربه أبصر المأمور به ليس في قدرته إيجاد عينه إلا أن يتعلق به الأمر الإلهي الذي له النفوذ فيهئ محله لوجود المأمور به عند إيجاد الحق إياه فإذا هيأ محله أوجده الحق فيقال في المحل إنه عبد طائع لله فيما أمره به ولسان الحال والكشف يقول ليس لك من الأمر شئ وإذا لم يهيئ محله لوجود المأمور به لم يظهر للمأمور به عين فقيل عبد عاص أمر ربه مخالف ولسان الحال والكشف يقول له ليس لك من الأمر شئ وسواء كان الواسطة يأمر أو يتكلم بلسان حق أو بغير لسان حق فإن هذه مسألة قد فشت في العامة وهي مبنية على أصل فاسد فيقولون في المذكرين إذا لم يؤثروا في السامعين أنه لو خرج الكلام من القلب لوقع في القلب وإذا كان من اللسان لم يعد الآذان ويشيرون بذلك إلى المذكر لو كان صادقا فيما يدعو به الناس إلى الله لأثر ومعلوم أن الأنبياء والرسل ع صادقون في أحوالهم بل هم أصدق الدعاة إلى الله ثم إنهم يدعون على بصيرة إلى الله بصورة ما أوحى به إليهم فهم صادقون بكل وجه ومع هذا يقول نوح ع إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وقال فلما جاءهم نذير يعني دعاء الحق على لسان الرسول ص ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض فلا تغالط نفسك وانظر فيما دعيت إليه فإن كان حقا ولو كان من شيطان فاقبله فإنك إنما تقبل الحق ولا تبال من جاء به هذا مطلب الرجال الذين يعرفون الأشياء بالحق ما يعرفون الحق بالأشياء وأصحاب هذا الوصف هم العارفون بالموازين الإلهية المعرفة التامة وهم قليلون في العالم إلى وقتي هذا ما رأيت منهم واحدا وإن كنت رأيته فما رأيته في حال تصرفه في هذا المقام وهم حكماء هذا الطريق ناطقون بالله عن الله ما أمرهم به الله فلله من خلقه طائفة * عليه قلوب لها عاكفة وليست لهم في الذي قد دعا * من أحوالهم صفة صارفة إذا ما دعاها بأنفاسها * يراها على بابه واقفه تبادر للأمر من كونها * بمن قد دعاها له عارفة (وصل) إذا أضيف حكم من أحكام الوجود إلى غير الله أنكره أهل الشهود خاصة وهم الذين لا يشهدون شيئا ولا يرونه إلا رأوا الله قبله كما قال الصديق عن نفسه وأما العلماء فهم في هذا المقام على حكم الحق فيه
(٢٢٦)