معي من نشأتي البدنية شئ أعول عليه ولا أنظر إليه فسلمت على والدي وسألني عن تربتي فقلت له إن الأرض أخذت مني جزأها وحينئذ خرجت عنها وعن الماء بطينتي فقال لي يا ولدي هكذا جرى لها مع أبيك فمن طلب حقه فما تعدى ولا سيما وأنت لها مفارق ولا تعرف هل ترجع إليها أم لا فإنه تعالى يقول إذا شاء أنشره ولا يعلم أحد ما في مشيئة الحق إلا أن يعلمه الحق بذلك فالتفت فإذا أنا بين يديه وعن يمينه من نسم بنيه عيني فقلت له هذا أنا فضحك فقلت له فإنا بين يديك وعن يمينك قال نعم هكذا رأيت نفسي بين يدي الحق حين بسط يده فرأيتني وبنى في اليد ورأيتني بين يديه فقلت له فما كان في اليد الأخرى المقبوضة قال العالم قلت له فيمين الحق تقضي بتعيين السعادة فقال نعم تقضي بالسعادة فقلت له فقد فرق الحق لنا بين أصحاب اليمين وأصحاب الشمال فقال لي يا ولدي ذلك يمين أبيك وشماله ألا ترى نسم بنى على يميني وعلى شمالي وكلتا يدي ربي يمين مباركة فبنى في يميني وفي شمالي وأنا وبنى في يمين الحق وما سوانا من العالم في اليد الأخرى الإلهية قلت فإذا لا نشقى فقال لو دام الغضب لدام الشقاء فالسعادة دائمة وإن اختلف المسكن فإن الله جاعل في كل دار ما يكون به نعيم أهل تلك الدار فلا بد من عمارة الدارين وقد انتهى الغضب في يوم العرض الأكبر وأمر بإقامة الحدود فأقيمت وإذا أقيمت زال الغضب فإن الرسالة تزيله فهو عين إقامة الحدود على المغضوب عليه فلم يبق إلا الرضاء وهو الرحمة التي وسعت كل شئ فإذا انتهت الحدود صار الحكم للرحمة العامة في العموم فأفادني أبي آدم هذا العلم ولم أكن به خبيرا فكان لي ذلك بشرى معجلة إلهية في الحياة الدنيا وتنتهي القيامة بالزمان كما قال الله خمسين ألف سنة وهذه مدة إقامة الحدود ويرجع الحكم بعد انقضاء هذه المدة إلى الرحمن الرحيم وللرحمن الأسماء الحسنى وهي حسني لمن تتوجه عليه بالحكم فالرحيم برحمته ينتقم من الغضب وهو شديد البطش به مذل له مانع بحقيقته فيبقى الحكم في تعارض الأسماء بالنسب والخلق بالرحمة مغمورون فلا يزال حكم الأسماء في تعارضها لا فينا فافهم فإنه علم غريب دقيق لا يشعر به بل الناس في عماية عنه وما منهم إلا من لو قلت له ترضى لنفسك أن يحكم عليك ما يسوءك من هذه الأسماء لقال لا ويجعل حكم ذلك الاسم الذي يسوء في حق غيره فهذا من أجهل الناس بالخلق وهو بالحق أجهل فأفاد هذا الشهود بقاء أحكام الأسماء في الأسماء لا فينا وهي نسب تتضاد بحقائقها فلا تجتمع أبدا ويبسط الله رحمته على عباده حيث كانوا فالوجود كله رحمة ثم رحلت عنه بعد ما دعا لي فنزلت بعيسى ع في السماء الثانية فوجدت عنده ابن خالته يحيى ع فكانت الحياة الحيوانية ولو كان يحيى بن خالته لكان روحا ولما كانت الحياة الحيوانية ملازمة للروح وجدت يحيى عند روح الله عيسى لأن الروح حي بلا شك وما كل حي روح فسلمت عليهما فقلت له بما ذا زدت علينا حتى سماك الله بالروح المضاف إلى الله فقال ألم تر إلى من وهبني لأمي ففهمت ما قال فقال لي لولا هذا ما أحييت الموتى فقلت له فقد رأينا من أحيا الموتى ممن لم تكن نشأته كنشأتك فقال ما أحيا الموتى من أحياهم إلا بقدر ما ورثه عني فلم يقم في ذلك مقامي كما لم أقم أنا مقام من وهبني في إحياء الموتى فإن الذي وهبني يعني جبريل ما يطأ موضعا إلا حيي ذلك الموضع بوطأته وأنا ليس كذلك بل حظنا أن نقيم الصور بالوطء خاصة والروح الكل يتولى أرواح تلك الصور وما يطؤه الروح الذي وهبني هو يعطي الحياة في صورة ما أظهره الوطء فاعلم ذلك ثم رددت وجهي إلى يحيى ع وقلت له أخبرت إنك تذبح الموت إذا أتى الله به يوم القيامة فيوضع بين الجنة والنار ليراه هؤلاء وهؤلاء ويعرفون أنه الموت في صورة كبش أملح قال نعم ولا ينبغي ذلك إلا لي فإني يحيى وإن ضدي لا يبقى معي وهي دار الحيوان فلا بد من إزالة الموت فلا مزيل له سواي فقلت له صدقت فيما أشرت إلي به ولكن في العالم يحيى كثير فقال لي ولكن لي مرتبة الأولية في هذا الاسم فبي يحيى كل من يحيى من الناس من تقدم ومن تأخر وإن الله ما جعل لي من قبل سميا فكل يحيى تبع لي فبظهوري لا حكم لهم فنبهني على شئ لم يكن عندي فقلت جزاك الله عني خيرا من صاحب موروث وقلت الحمد لله الذي جمعكما في سماء واحدة أعني روح الله عيسى ويحيى ع حتى أسألكما عن مسألة واحدة فيقع الجواب بحضور كل واحد منكما فإنكما خصصتما بسلام الحق فقيل في عيسى إنه قال في المهد والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا وقيل في يحيى وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا فأخبر عيسى عن نفسه بسلام
(٣٤٦)