أوجده أوجده برحمته ثم قال محال العوارض ثابتة في وجودها والعوارض تتبدل عليها بالأمثال والأضداد قلت ما الأمر الأعظم قال العالم به أعظم ثم ودعته وانصرفت فنزلت بهارون ع فوحدت يحيى قد سبقني إليه فقلت له ما رأيتك في طريقي فهل ثم طريق أخرى فقال لكل شخص طريق لا يسلك عليها إلا هو قلت فأين هي هذه الطرق فقال تحدث بحدوث السلوك فسلمت على هارون ع فرد وسهل ورحب وقال مرحبا بالوارث المكمل قلت أنت خليفة الخليفة مع كونك رسولا نبيا فقال أما أنا فنبي بحكم الأصل وما أخذت الرسالة إلا بسؤال أخي فكان يوحى إلي بما كنت عليه قلت يا هارون إن ناسا من العارفين زعموا أن الوجود ينعدم في حقهم فلا يرون إلا الله ولا يبقى للعالم عندهم ما يلتفتون به إليه في جنب الله ولا شك أنهم في المرتبة دون أمثالكم وأخبرنا الحق إنك قلت لأخيك في وقت غضبه لا تشمت بي الأعداء فجعلت لهم قدرا وهذا حال يخالف حال أولئك العارفين فقال صدقوا فإنهم ما زادوا على ما أعطاهم ذوقهم ولكن انظر هل زال من العالم ما زال عندهم قلت لا قال فنقصهم من العلم بما هو الأمر عليه على قدر ما فاتهم فعندهم عدم العالم فنقصهم من الحق على قدر ما انحجب عنهم من العالم فإن العالم كله هو عين تجلى الحق لمن عرف الحق فأين تذهبون إن هو إلا ذكر للعالمين بما هو الأمر عليه فليس الكمال سوى كونه * فمن فاته ليس بالكامل فيا قائلا بالفناء اتئد * وحوصل من السنبل الحاصل ولا تركنن إلى فائت * ولا تبع النقد بالآجل ولا تتبع النفس أغراضها * ولا تمزج الحق بالباطل ثم ودعته ونزلت بموسى ع فسلمت عليه فرد وسهل ورحب فشكرته على ما صنع في حقنا مما أتفق بينه وبين نبينا محمد ص في المراجعة في حديث فرض الصلوات فقال لي هذه فائدة علم الذوق فللمباشرة حال لا يدرك إلا بها قلت ما زلت تسعى في حق الغير حتى صح لك الخير كله قال سعى الإنسان في حق الغير إنما يسعى لنفسه في نفس الأمر فما يزيده ذلك إلا شكر الغير والشاكر ذاكر لله بأحب المحامد لله وللساعي منطقة بتلك المحامد فالساعي ذاكر لله بلسانه ولسان غيره قال الله تعالى لموسى ع يا موسى اذكرني بلسان لم تعصني به فأمره أن يذكره بلسان الغير فأمره بالإحسان والكرم ثم قلت له إن الله اصطفاك على الناس برسالته وبكلامه وأنت سألت الرؤية ورسول الله ص يقول إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت فقال وكذلك كان لما سألته الرؤية أجابني فخررت صعقا فرأيته تعالى في صعقتي قلت موتا قال موتا قلت فإن رسول الله ص شك في أمرك إذا وجدك في يوم البعث فلا يدري أجوزيت بصعقة الطور فلم تصعق في نفخة الصعق فإن نفخة الصعق ما تعم فقال صدقت كذلك كان جازاني الله بصعقة الطور فما رأيته تعالى حتى مت ثم أفقت فعلمت من رأيت ولذلك قلت تبت إليك فإني ما رجعت إلا إليه فقلت أنت من جملة العلماء بالله فما كانت رؤية الله عندك حين سألته إياها فقال واجبة وجوبا عقليا قلت فيما ذا اختصصت به دون غيرك قال كنت أراه وما كنت أعلم أنه هو فلما اختلف على الموطن ورأيته علمت من رأيت فلما أفقت ما انحجبت واستصحبتني رؤيته إلى أبد الأبد فهذا الفرق بيننا وبين المحجوبين عن علمهم بما يرونه فإذا ماتوا رأوا الحق فميزه لهم الموطن فلو ردوا لقالوا مثل ما قلنا قلت فلو كان الموت موطن رؤيته لرآه كل ميت وقد وصفهم الله بالحجاب عن رؤيته قال نعم هم المحجوبون عن العلم به إنه هو وإذا كان في نفسك لقاء شخص لست تعرفه بعينه وأنت طالب له من اسمه وحاجتك إليه فلقيته وسلمت عليه وسلم عليك في جملة من لقيت ولم يتعرف إليك فقد رأيته وما رأيته فلا تزال طالبا له وهو بحيث تراه فلا معول إلا على العلم ولهذا قلنا في العلم إنه عين ذاته إذ لو لم يكن عين ذاته لكان المعول عليه غير إله ولا معول إلا على العلم قلت إن الله دلك على الجبل وذكر عن نفسه أنه تجلى للجبل فقال لا يثبت شئ لتجليه فلا بد من تغير الحال فكان الدك للجبل كالصعق لموسى يقول موسى فالذي دكه أصعقني قلت له إن الله تولى تعليمي فعلمت منه على قدر ما أعطاني فقال هكذا فعله مع العلماء به فخذ منه لا من الكون
(٣٤٩)