باطنان فأخبره جبريل أن النهرين الظاهرين النيل والفرات والنهرين الباطنين نهران يمشيان إلى الجنة وأن هذين النهرين النيل والفرات يرجعان يوم القيامة إلى الجنة وهما نهرا العسل واللبن وفي الجنة أربعة أنهار نهر من ماء غير آسن ونهر من لبن لم يتغير طعمه ونهر من خمر لذة للشاربين ونهر من عسل مصفى وهذه الأنهار تعطي لأصحابها علوما عند شربهم منها متنوعة يعرفها أصحاب الأذواق في الدنيا ولنا فيها جزء صغير فلينظر ما ذكرناه في ذلك الجزء وأخبره أن أعمال بني آدم تنتهي إلى تلك السدرة وإنها مقر الأرواح فهي نهاية لما ينزل مما هو فوقها ونهاية لما يعرج إليها مما هو دونها وبها مقام جبريل ع وهناك منصته فنزل ص عن البراق بها وجئ إليه بالرفرف وهو نظير المحفة عندنا فقعد عليه وسلمه جبريل إلى الملك النازل بالرفرف فسأله الصحبة ليأنس به فقال لا أقدر لو خطوت خطوة احترقت فما منا إلا له مقام معلوم وما أسرى الله بك يا محمد إلا ليريك من آياته فلا تغفل فودعه وانصرف على الرفرف مع ذلك الملك يمشي به إلى أن ظهر لمستوي سمع منه صريف القلم والأقلام في الألواح بما يكتب الله بها مما يجريه في خلقه وما تنسخه الملائكة من أعمال عباده وكل قلم ملك قال تعالى إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ثم زج في النور زجة فأفرده الملك الذي كان معه وتأخر عنه فاستوحش لما لم يره وبقي لا يدري ما يصنع وأخذه هيمان مثل السكران في ذلك النور وأصابه الوجد فأخذ يميل ذات اليمين وذات الشمال واستفزعه الحال وكان سببه سماع إيقاع تلك الأقلام وصريفها في الألواح فأعطت من النغمات المستلذة ما أداه إلى ما ذكرناه من سريان الحال فيه وحكمه عليه فتقوى بذلك الحال وأعطاه الله في نفسه علما علم به ما لم يكن يعلمه قبل ذلك عن وحي من حيث لا يدري وجهته فطلب الأذن في الرؤية بالدخول على الحق فسمع صوتا يشبه صوت أبي بكر وهو يقول له يا محمد قف إن ربك يصلي فراعه ذلك الخطاب وقال في نفسه أربي يصلي فلما وقع في نفسه هذا التعجب من هذا الخطاب وأنس بصوت أبي بكر الصديق تلي عليه هو الذي يصلي عليكم وملائكته فعلم عند ذلك ما هو المراد بصلاة الحق فلما فرع من الصلاة مثل قوله سنفرغ لكم أيها الثقلان مع أنه لا يشغله شأن عن شأن ولكن لخلقه أصناف العالم أزمان مخصوصة وأمكنة مخصوصة لا يتعدى بها زمانها ولا مكانها لما سبق في علمه ومشيئته في ذلك فأوحى الله إليه في تلك الوقفة ما أوحى ثم أمر بالدخول فدخل فرأى عين ما علم لا غير وما تغيرت عليه صورة اعتقاده ثم فرض عليه في جملة ما أوحى به إليه خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزل حتى وصل إلى موسى ع فسأله موسى عما قيل له وما فرض عليه فأجابه وقال إن الله فرض على أمتي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فقال له يا محمد قد تقدمت إلى هذا الأمر قبلك وعرفته ذوقا وتعبت مع أمتي فيه وأني أنصحك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجع ربك وسله التخفيف فراجع ربه فترك له عشرا فأخبر موسى بما ترك له ربه فقال له موسى راجع ربك فراجعه فترك له عشرا فأخبر موسى فقال له راجع ربك فراجعه فترك له عشرا فأخبر موسى فقال له راجع ربك فراجعه فترك له عشرا فأخبر موسى فقال له راجع ربك فراجعه فقال له ربه هي خمس وهي خمسون ما يبدل القول لدي فأخبر موسى فقال راجع ربك فقال إني أستحي من ربي وقد قال لي كذا وكذا ثم ودعه وانصرف ونزل إلى الأرض قبل طلوع الفجر فنزل بالحجر فطاف ومشى إلى بيته فلما أصبح ذكر ذلك للناس فالمؤمن به صدقه وغير المؤمن به كذبه والشاك ارتاب فيه ثم أخبرهم بحديث القافلة وبالشخص الذي كان يتوضأ وإذا بالقافلة قد وصلت كما قال فسألوا الشخص فأخبرهم بقلب القدح كما أخبرهم رسول الله ص وسأله من حضر من المكذبين ممن رأى بيت المقدس أن يصفه لهم ولم يكن رأى منه ص إلا قدر ما مشى فيه وحيث صلى فرفعه الله له حتى نظر إليه فأخذ ينعته للحاضرين فما أنكروا من نعته شيئا ولو كان الإسراء بروحه وتكون رؤيا رآها كما يراه النائم في نومه ما أنكره أحد ولا نازعه وإنما أنكروا عليه كونه أعلمهم أن الإسراء كان بجسمه في هذه المواطن كلها وله ص أربعة وثلاثون مرة الذي أسرى به منها إسراء واحد بجسمه والباقي بروحه رؤيا رآها وأما الأولياء فلهم إسراءات روحانية برزخية يشاهدون فيها معاني متجسدة في صور محسوسة للخيال يعطون العلم بما تتضمنه تلك الصور من المعاني ولهم الإسراء في الأرض
(٣٤٢)