الحق عليه والحق أخبر بسلامه على يحيى فأي مقام أتم فقال لي ألست من أهل القرآن قلت له بلي أنا من أهل القرآن فقال انظر فيما جمع الحق بيني وبين ابن خالتي أليس قد قال الله في ونبيا من الصالحين فعينني في النكرة فقلت له نعم قال ألم يقل في عيسى ابن خالتي إنه من الصالحين كما قال عني فعينه في النكرة ثم قال إن عيسى هذا لما كان كلامه في المهد دلالة على براءة خالتي مما نسب إليها لم يترجم عن الله إلا هو بنفسه فقال والسلام علي يعني من الله قلت له صدقت قلت ولكن سلم بالتعريف وسلام الحق عليك بالتنكير والتنكير أعم فقيل لي ما هو تعريف عين بل هو تعريف جنس فلا فرق بينه بالألف واللام وبين عدمهما فإنا وإياه في السلام على السواء وفي الصلاح كذلك وجاء الصلاح لنا بالبشرى في وفي عيسى بالملائكة فقلت له أفدتني أفادك الله فقلت له فلم كنت حصورا فقال ذلك من أثر همة والدي في استفراغه في مريم البتول والبتول المنقطعة عن الرجال لما دخل عليها المحراب ورأى حالها فأعجبه فدعا الله أن يرزقه ولدا مثلها فخرجت حصورا منقطعا عن النساء فما هي صفة كمال وإنما كانت أثر همة فإن في الانتاج عين الكمال قلت له فنكاح الجنة ما فيه نتاج فقال لا تقل بل هو نتاج ولا بد وولادته نفس تخرج من الزوجة عند الفراغ من الجماع فإن الإنزال ريح كما هو في الدنيا ماء فيخرج ذلك الريح بصورة ما وقع عليه الاجتماع بين الزوجين فمنا من يشهد ذلك ومنا من لا يشهده كما هو الأمر عليه في الدنيا عالم غيب لمن غاب عنه وعالم شهادة في حق من شهده قلت له أفدتني أفادك الله من نعمه العلم به ثم قلت له هذه سماؤك قال لي لا أنا متردد بين عيسى وهارون أكون عند هذا وعند هذا وكذلك عند يوسف وإدريس ع فقلت له فلما ذا خصصت هارون دون غيره من الأنبياء فقال لي لحرمة النسب ما جئت لعيسى إلا لكونه ابن خالتي فأزوره في سمائه وآتي إلى هارون لكون خالتي أختا له دينا ونسبا قلت فما هو أخوها لأن بينهما زمانا طويلا وعالما فقال لي قوله وإلى ثمود أخاهم صالحا ما هذه الأخوة أترى هو أخو ثمود لأبيه وأمه فهو أخوهم فسمى القبيلة باسم ثمود وكان صالح من نسل ثمود فهو أخوهم بلا شك ثم جاء بعد ذلك بالدين ألا ترى أصحاب الأيكة لما لم يكونوا من مدين وكان شعيب من مدين فقال في شعيب أخو مدين وإلى مدين أخاهم شعيبا ولما جاء ذكر أصحاب الأيكة قال إذ قال لهم شعيب ولم يقل أخاهم لأنهم ليسوا من مدين وشعيب من مدين فزيارتي لهما صلة رحم وأنا لعيسى أقرب مني لهارون ثم عرج بي إلى السماء الثالثة إلى يوسف ع فقلت له بعد أن سلمت عليه فرد وسهل بي ورحب يا يوسف لم لم تجب الداعي حين دعاك ورسول الله ص يقول عن نفسه إنه لو ابتلي بمثل ما ابتليت به ودعى لأجاب الداعي ولم يبق في السجن حتى يأتيه الجواب من الملك بما تقول النسوة فقال لي بين الذوق والفرض ما بين السماء والأرض كثير بين أن تفرض الأمر أو تذوقه من نفسك لو نسب إليه ص ما نسب إلي لطلب صحة البراءة في غيبته فإنها أدل على براءته من حضوره ولما كان رحمة كان من عالم السعة والسجن ضيق فإذا جاء لمن حاله هذا سارع إلى الانفراج وهذا فرض فالكلام مع التقدير المفروض ما هو مثل الكلام مع الذائق ألا تراه ص ما ذكر ذلك إلا في معرض نسبة الكمال إلي فيما تحملته من الفرية علي فقال ذلك أدبا معي لكوني أكبر منه بالزمان كما قال في إبراهيم نحن أحق بالشك من إبراهيم فيما شك فيه إبراهيم وكما قال في لوط يرحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد أتراه أكذبه حاشى لله فإن الركن الشديد الذي أراده لوط هو القبيلة والركن الشديد الذي ذكره رسول الله ص هو الله فهذا تنبيه لك أن لا تجري نفسك فيما لا ذوق لك فيه مجرى من ذاق فلا تقل لو كنت أنا عوض فلان لما قيل له كذا وقال كذا ما كنت أقوله لا والله بل لو نالك ما ناله لقلت ما قاله فإن الحال الأقوى حاكم على الحال الأضعف وقد اجتمع في يوسف وهو رسول الله حالان حال السجن وحال كونه مفترى عليه والرسول يطلب أن يقرر في نفس المرسل إليه ما يقبل به دعاء ربه فيما يدعوه به إليه والذي نسب إليه معلوم عند كل أحد إنه لا يقع من مثل من جاء بدعوته إليهم فلا بد أن يطلب البراءة من ذلك عندهم ليؤمنوا بما جاء به من عند ربه ولم يحضر بنفسه ذلك المجلس حتى لا تدخل الشبهة في نفوس الحاضرين بحضوره وفرق كبير بين من يحضر في مثل هذا الموطن وبين من لا يحضر فإذا كانت المرأة لم تخن يوسف في غيبته لما برأته وأضافت المراودة لنفسها لتعلم إن يوسف
(٣٤٧)