جنس واحد لحكمة علمها أهل الله في صدور عالم الخلق وعالم الأمر وفي صدور الأجسام الطبيعية وما فوقها فركبه ص وأخذه جبريل ع والبراق للرسل مثل فرس النوبة الذي يخرجه المرسل إليه للرسول ليركبه تهمما به في الظاهر وفي الباطن أن لا يصل إليه إلا على ما يكون منه لا على ما يكون لغيره ليتنبه بذلك فهو تشريف وتنبيه لمن لا يدري مواقع الأمور فهو تعريف في نفس الأمر كما قررناه بما قلناه فجاء ص إلى البيت المقدس ونزل عن البراق وربطه بالحلقة التي تربطه بها الأنبياء ع كل ذلك إثبات للأسباب فإنه ما من رسول إلا وقد أسرى به راكبا على ذلك البراق وإنما ربطه مع علمه بأنه مأمور ولو أوقفه دون ربط بحلقة لوقف ولكن حكم العادة منعه من ذلك إبقاء لحكم العادة التي أجراها الله في مسمى الدابة ألا تراه ص كيف وصف البراق بأنه شمس وهو من شأن الدواب التي تركب وإنه قلب بحافره القدح الذي كان يتوضأ به صاحبه في القافلة الآتية إلى مكة فوصف البراق بأنه يعثر والعثور هو الذي أوجب قلب الآنية أعني القدح فلما ص جاءه جبريل بالبراق فركب عليه ومعه جبريل فطار البراق به في الهواء فاخترق به الجو فعطش واحتاج إلى الشرب فأتاه جبريل ع بإناءين إناء لبن وإناء خمر وذلك قبل تحريم الخمر فعرضهما عليه فتناول اللبن فقال له جبريل ع أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك ولذلك كان ص يتأول اللبن إذا رآه في النوم بالعلم خرج البخاري في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أريت كأني أتيت بقدح لبن فشربته حتى رأيت الري يخرج من تحت أظفاري ثم أعطيت فضلي عمر قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم فلما وصل إلى السماء الدنيا استفتح جبريل فقال له الحاجب من هذا فقال جبريل قال ومن معك قال محمد ص قال وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح فدخلنا فإذا بآدم ص وعن يمينه أشخاص بنيه السعداء أهل الجنة وعن يساره نسم بنيه الأشقياء عمرة النار ورأى ص نفسه في أشخاص السعداء الذين على يمين آدم فشكر الله تعالى وعلم عند ذلك كيف يكون الإنسان في مكانين وهو عينه لا غيره فكان له كالصورة المرئية والصور المرئيات في المرآة والمرايا فقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ثم عرج به البراق وهو محمول عليه في الفضاء الذي بين السماء الأولى والسماء الثانية أو سمك السماوات فاستفتح جبريل السماء الثانية كما فعل في الأولى وقال وقيل له فلما دخل إذا بعيسى ع بجسده عينه فإنه لم يمت إلى الآن بل رفعه الله إلى هذه السماء وأسكنه بها وحكمه فيها وهو شيخنا الأول الذي رجعنا على يديه وله بنا عناية عظيمة لا يغفل عنا ساعة واحدة وأرجو أن ندرك زمان نزوله إن شاء الله فرحب به وسهل ثم جاء السماء الثالثة فاستفتح وقال وقيل له ففتحت وإذا بيوسف ع فسلم عليه ورحب وسهل وجبريل في هذا كله يسمى له من يراه من هؤلاء الأشخاص ثم عرج به إلى السماء الرابعة فاستفتح وقال وقيل له ففتحت فإذا بإدريس ع بجسمه فإنه ما مات إلى الآن بل رفعه الله مكانا عليا وهو هذه السماء قلب السماوات وقطبها فسلم عليه ورحب وسهل ثم عرج به إلى السماء الخامسة فاستفتح وقال وقيل له ففتحت فإذا بهارون ويحيى ع فسلما عليه ورحبا به وسهلا ثم عرج به إلى السماء السادسة فاستفتح وقال وقيل له ففتحت فإذا بموسى ع فسلم عليه ورحب وسهل ثم عرج به إلى السماء السابعة فاستفتح وقال وقيل له ففتحت فإذا بإبراهيم الخليل ع مسندا ظهره إلى البيت المعمور فسلم عليه ورحب وسهل وسمي له البيت المعمور الضراح فنظر إليه وركع فيه ركعتين وأعلمنا أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك من الباب الواحد ويخرجون من الباب الآخر فالدخول من باب مطالع الكواكب والخروج من باب مغارب الكواكب وأخبره أن أولئك الملائكة يخلقهم الله كل يوم من قطرات ماء الحياة التي تسقط من جبريل حين ينتفض كما ينتفض الطائر عند ما يخرج من انغماسه في نهر الحياة فإن له كل يوم غمسة فيه ثم عرج به إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها كالقلال وورقها كأذان الفيلة فرآها وقد غشاها الله من النور ما غشى فلا يستطيع أحد أن ينعتها لأن البصر لا يدركها لنورها ورأى يخرج من أصلها أربعة أنهار نهران ظاهران ونهران
(٣٤١)