فإذا قلت ألا قولوا بلى * وإذا ما قلت هل قولوا نعم إنما الأمر الذي جئت به * أمر موجود له نعت القدم واحد في عينه ليس لنا * في الذي يظهر فيه من قدم والذي أحضره يحضرني * بين أمرين وجود وعدم فلنا الأنوار منه إن بدا * وله منا غيابات الظلم هي حجب الله أن ندركه * وبها قامت دلالات التهم ثم فيها من علامات الهدى * لتجليه علوم وحكم فطر العالم قد قسمها * ما هو الحق عليه فحكم فكما نحن به فهو بنا * استحالات كنار في علم كلما قلت بدت صورته * حول الصورة في كيف وكم فتحولت أنا فانبهمت * حالة الأمر علينا فانبهم ليت شعري هل هو الأمر كما * قد بدا أو غيره قل يا حكم قال والله أنا مثلكم * حائر ما لي في العلم قدم اعلم أيدك الله أن الإنسان لما أبرزه الله من ظلمة الغيب الذي كان فيه وهو المفتاح الأول من مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا هو فانفرد سبحانه بعلمها ونفى العلم عن كل ما سواه بها فأثبتك في هذه الآية وأعلمك أنك لست هو إذ لو كنت هو كما تزعم لعلمت مفاتح الغيب بذاتك وما لا تعلمه إلا بموقف فلست عين الموقف والممكنات كلها وأعني بكلها ميزها عن المحال والواجب لا إن أعيانها يحصرها الكل ذلك محال هي في ظلمة الغيب فلا يعرف لها حالة وجود ولكل ممكن منها مفتاح ذلك المفتاح لا يعلمه إلا الله فلا موجد إلا الله هو خالق كل شئ أي موجدة فأول مفتاح فتح به مفتاح غيب الإنسان الكامل الذي هو ظل الله في كل ما سوى الله فأظهره من النفس الرحماني الخارج من قلب القرآن سورة يس وهو نداء مرخم أراد يا سيد فرخم كما قال يا أبا هر أراد يا أبا هريرة فأثبت له السيادة بهذا الاسم وجعله مرخما للتسليم الذي تطلبه الرحمة والقطع مما بقي منه في الغيب الذي لا يمكن خروجه فصورته في الغيب صورة الظل في الشخص الذي امتد عنه الظل ألا ترى الشخص إذا امتد له ظل في الأرض أليس له ظل في ذات الشخص الذي يقابله ذلك الظل الممتد فذلك الظل القائم بذات الشخص المقابل للظل الممتد ذلك هو الأمر الذي بقي من الإنسان الذي هو ظل الله الممدود في الغيب لا يمكن خروجه أبدا وهو باطن الظل الممتد والظل الممدود هو الظاهر فظاهر الإنسان ما امتد من الإنسان فظهر وباطنه ما لم يفارق الغيب فلا يعلم باطن الإنسان أبدا ونسبة ظاهره إلى باطنه متصلة به لا تفارقه طرفة عين ولا يصح مفارقته فهو في الظاهر غيب وفي الغيب ظاهر له حكم ما ظهر عنه في الحركة والسكون فإن تحرك تحرك بحق وإن سكن سكن بحق وهو على صورة موجدة وما سواه من الممكنات ليس له هذا الكمال فلا غيب أكمل من غيب الإنسان فلما أبرزه الله للوجود أبرزه على الاستقامة وأعطاه الرحمة ففتح بها مغالق الأمور علوا وسفلا فأمد الأمثال بذاته وأمد غير الأمثال بمثله فبمثله ظهرت الأجسام وبمثله الآخر ظهرت الأرواح فهي له كاليمين والشمال لنقص الأجسام عن الأرواح كنقص الشمال عن اليمين والمطلق اليدين هو المثل ومثاله في الهامش وما أوجد العالم على ما ذكرناه إلا عن حركة إلهية وهي حركة المفتاح عند الفتح والممكنات وإن كانت لا تتناهى فهي من وجه محصورة في عشرة أشياء وهي المقولات العشرة وقد ذكرناها من قبل في هذا الكتاب فلنبين هنا مراتبها فيما يختص بهذا الباب مما لم نذكره قبل فاعلم إن لله تعالى في حضرة الغيب الذي له من الأسماء الإلهية الباطن فلا نعلم أبدا له تعالى حكما يظهر في الإنسان دون غيره من المخلوقات لما هو عليه من الجمعية وما اختص به من عموم النفس الرحماني وذلك الحكم في غيب الحق له الثبوت دائما ما دام يتصل الباطن بالظاهر للامداد
(٢٧٩)