ولا يقال إن الله قد نقصه هذا الاسم أن يطلق عليه فمعنى الأسماء كلها كل اسم في حقيقة هذا المسمى أن يقبله فاعلم ذلك فمن علم نسبة الأسماء الإلهية إلى الإنسان كيف هي ونسبة الأسماء الكونية إلى الله كيف هي علم مرتبة الإنسان وتميزه عن العالم كله وشرفه بما هو عليه من الجمعية كالمتفنن صاحب الذوق في كل علم وقد يكون صاحب علم ما أكمل منه في ذلك العلم مع المشاركة فهو أفضل منه في وجه خاص وهذا أفضل منه بالجمعية كما نقول بالمفاضلة في النقص فنقول في البليد إنه حمار ومعلوم قطعا إن الحمار أفضل من الإنسان في البلادة فإنه أبلد منه وكذلك الملك مع الإنسان الملك أفضل منه في الطاعة وقد شهد الله له بذلك وذلك لتعريه عن لباس البشرية فلا يعصي الله ما أمره لأنه ما هو على حقائق متضادة تجذبه في أوقات وتغفله وتنسيه عما دعى إليه كما يوجد ذلك في النشأة العنصرية والإنسان نشأة عنصرية تطلبه حقائق متجاذبة بالفعل صاحب غفلة ونسيان يؤمر وينهى فيتصور منه المخالفة والموافقة فالملك أشد موافقة لله من الإنسان لما تعطيه نشأته ونشأة الإنسان قال تعالى في الملك لا يعصون الله ما أمرهم وقال في الخليفة الذي علمهم الأسماء وعصى آدم ربه فغوى فوصفه بالمعصية فالملك أفضل في الموافقة لأمر الله والخليفة الإنسان اعلم بالأسماء الإلهية لأن الخليفة إن لم يظهر بما يستحقه من استخلفه حتى يطاع ويعصى وإلا فليس بخليفة فهو أتم في الجمعية وأفضل والملك أفضل في وجه خاص أو وجهين لكن ما له فضل الجمع والصورة لا تكون إلا بالمجموع وإلا فليست بصورة مثلية ولا يقدح في الصورة وكما لها ما تمتاز به الصورة على مثلها فإنه لا بد من ذلك ولولا ذلك لم تكن الصورة مثلا بل هي عينها ومعلوم أن الأمر ليس كذلك وهذا المنزل يتسع الكلام فيه يكاد إلى غير نهاية فلنقتصر على ما ذكرناه ولنذكر بعض ما يتضمنه من العلوم كما تقدم فمن ذلك علم الرسوم الطامسة ومراتبها وحصرها في الحقائق التي انحصرت فيها وفيه علم من رد أمره فكاد إن يقتل نفسه وهو دليل على الضيق والحرج وهل هذا من كمال الإنسان أم لا فإن الله وصف نفسه بالغضب والانتقام فهذا الإنسان لما لم يتمكن له من قوته إن يجد على من يرسل غضبه بالانتقام منه أراد أن يرسله على نفسه فيقتل نفسه فهو ناقص كامل فأعطاه الله الصبر على حمل الأذى فقاوم به ما يجده الطبع من الغيظ على من يرد كلمته وأمره ويريد مقاومته وفيه علم التسكين ووجود الفرح بالمستند إليه إذا تنزل له في الخطاب على سبيل الرفق به لما يجده وهو أن يخاطبه بما يعرفه به في نفسه في الأمر الذي غاظه فيريه من هو أكبر منه قد أغيظ فيجد لذلك عزا في نفسه ولهذا قال الله تعالى لنبيه ص نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وفيه علم كل من جنى فعلى نفسه يجني فإن الأعمال لا تضاف إلا إلى عاملها وإن أضيفت إلى غير عاملها فقد غصبتها حقها وفيه علم الاستبصار وفيه علم الأمزجة فيعلم منه ما يضر زيدا ينفع عمرا وما هو دواء لخالد هو داء لحسن وفيه علم نداء الحق واختلافه مع أحدية النداء وفيه علم آداب جواب المنادي وفيه علم الاستنزال باللطف وفيه علم الجبر وفيه علم التقرير الكوني ونزول الأعلى إلى مخاطبة الأدنى باللطف مع قهره بالصورة فما المانع له من ذلك هل هو قهر خفي من حيث لا يشعر به أو هو عن رحمة هو عليها مجعولة أو جبلية وفيه علم تنبيه العالم على اكتساب معالي الأمور بإظهار أسبابها لمن لا يعرفها وفيه علم أسباب الحيرة عن جواب السائلين إذا كان السؤال مما لا يتصور عليه الجواب المطابق الذي يطلبه السائل في سؤاله وهل كل سؤال يقتضي جوابا أم لا والسؤال عين الجواب من حيث أحدية الكلام والواحد لا يقع فيه التفصيل ولا الانقسام والسؤال ما هو عين الجواب والكلام أحدي العين فأين محل الانقسام وفيه علم الجدل مع العلم من المجادل أنه مبطل وأن خصمه على الحق فلما ذا يبقى على جدله وقد بان له الحق في نفسه فهل له وجه ما لي الحق أو هو باطل من جميع الوجوه وإذا كان باطلا من جميع الوجوه فالباطل عدم والعدم لا يقاوم الوجود فإن لا شئ لا يكون أقوى من الشئ وفيه علم ما تنتجه المساعدة وفيه علم الزجر والتخويف والرضا بالقضاء والمقضي معا للقوة التي تكون في الراضي وما ينبغي أن يرضى به من المقضي وما لا ينبغي أن يرضى به من ذلك وفيه علم ما يؤثره الاستناد إلى الكثرة من القوة في نفس المستند وإن خاب فقد يرزق الواحد من القوة ما يزيد على
(٢٦٨)