درجة الكل فالكل يعرف الكل مثله ويعرف ما يحوي كليته عليه من الأجزاء لأنها كالأعضاء والقوي لصورته والشئ لا يجهل نفسه فظهر كل الإنسان في درجة لا يبلغ إليها فناب بما ذكرناه مما ظهر فيه مناب رفيع الدرجات ذو العرش فكان الإنسان ثنى موجدة فكانت أحديته قبلت الثاني على صورة أحديتها فإذا ضربت أحدية الإنسان الكامل في أحدية الحق لم يخرج لك إلا أحدية واحدة فلك إن تنظر عند ذلك أية أحدية خرجت وأية أحدية ذهبت هل أحدية النائب أو أحدية من استنابه فاعمل بحسب ما ظهر لك من ذلك تسعد فما من حكم للنائب مما له أثر في الكون أو تنزيه عن المثل إلا وذلك الحكم لمن استنابه فلا تبال أية أحدية ظهرت ولا أية أحدية بطنت فما أمره إلا واحدة كما ذكر عن نفسه ما الأمر إلا هكذا * ما الأمر إلا ما ذكر * فالقول قول فاصل * له احتكام في البشر والشأن شأن واحد * في عينه لمن نظر * أنت الرفيع المجتبى * عند مليك مقتدر إن كنت من صورته * على شهود فاعتبر * ما قلته فإنه * يدخل في حكم الفكر إن كنت ذا عقل * سليم آمنا من الغير * تجده حقا واضحا * في سور بلا صور فالعين قد تشهده * في صور وفي سور * والحق ما بينهما * في عرشه على سرر يقابل المثل كما * يقابل الصور الصور * فقل لمن يعرفه * بأنه على خطر وقل لمن يجهله * بأنه على غرر وأما النيابة السادسة فإن الله وصف نفسه بأن له كلمات فكثر فلا بد من الفصل بين آحاد هذه الكثرة ثم الكلمة الواحدة أيضا منه كثرها في قوله إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فأتى بثلاثة أحرف اثنان ظاهران وهما الكاف والنون وواحد باطن خفي لأمر عارض وهو سكونه وسكون النون فزال عينه من الظاهر لالتقاء الساكنين فناب الإنسان الكامل في هذه المرتبة مناب الحق في الفصل بين الكلمة المتقدمة والتي تليها فنطق سبحانه في هذه النشأة الإنسانية وكل من ظهر بصورتها بالحروف في مخارج النفس من هذه الصورة ووجود الحرف في كل مخرج تكوينه إذا لم يكن مكونا هناك وإلا فمن يكونه فلا بد للمكون أن يكون بين كل كلمتين أو حرفين لإيجاد الكلمة الثانية أو الحرف الثاني وتعلق الأول به لا بد من ذلك في الكلمات الإلهية التي هي أعيان الموجودات كما قال في عيسى ع إنه كلمته ألقاها إلى مريم وقال فيها وصدقت بكلمات ربها وما هو إلا عيسى وجعله كلمات لها لأنه كثير من حيث نشأته الظاهرة والباطنة فكل جزء منه ظاهرا كان أو باطنا فهو كلمة فلهذا قال فيه وصدقت بكلمات ربها لأن عيسى روح الله من حيث جملته ومن حيث أحدية كثرته هو قوله وكلمته ألقاها إلى مريم فلما نطق الإنسان بالحروف وهي أجزاء كل كلمة مقصودة للمتكلم الذي هو الإنسان المريد إيجاد تلك الكلمات ليفهم عنه بها ما في نفسه كما فهم عن الله بما ظهر من الموجودات ما في نفس الحق من إرادة وجود أعيان ما ظهر فلا بد في الكلام من تقديم وتأخير وترتيب كما ذلك في الموجودات وهي أعيان الكلمات الإلهية تقديم وتأخير وترتيب يظهر ذلك الدهر والدهر هو الله بالنص الصريح وهو قوله ع لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر وفيه ظهر الترتيب والتقديم والتأخير في وجود العالم وسواء كان الكلام متلفظا به أو قائما بالنفس فإن كان في النفس فلا بد من وجود الحروف فيه في وجود الخيال وإن لم يكن ذلك وإلا فليس بكلام وهو قول العربي إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * جعل اللسان على الفؤاد دليلا أراد على ما في الفؤاد فإن لم يكن المترجم يضع في ترجمته الترجمة على ما في الفؤاد بحكم المطابقة وإلا فليس بدليل وقد وجدت الكثرة في الترجمة والتقدم والتأخر فلا بد أن يكون الترتيب في الكلام الذي في الفؤاد على هذه الصورة وليس إلا الخيال خاصة وقال تعالى فأجره حتى يسمع كلام الله فأضاف الكلام إلى الله تعالى وجعله مسموعا للعربي المخاطب بحاسة سمعه فما أدركه إلا متقطعا متقدما متأخرا ومن لم ينسب ذلك الكلام المسمى قرآنا إلى الله فقد جحد
(٢٨٣)