الزمان المستقبل في تعليق الإرادة والإرادة واحدة العين فانتقل حكمها من ترجيح بقاء الممكن في شيئية ثبوته إلى حكمها بترجيح ظهوره في شيئية وجوده فهذه حركة إلهية قدسية منزهة أعطتها حقيقة الإمكان التي هي حقيقة الممكن فلما خلق الله المخلوق الممكن المنعوت بالإرادة والقدرة على ظهور الأفعال منه بحكم النيابة عن الله في ظاهر الأمر لا في باطنه فهو سبحانه في الباطن مظهر الممكن في شيئية وجوده من خلف حجاب الظاهر المريد القادر الذي هو المخلوق الذي له هذه الصفة فهو يد الله المريد بإرادة الله فيفعل بالهمة كقوله كن ويفعل بالمباشرة كخلقه آدم بيديه وجميع ما أضافه إلى خلق يده سبحانه فيقال في الحق مع هذه النسبة من غير مباشرة وهي في العبد مباشرة فإن وقعت من غير مريد لها فما هو مطلوبنا ولا تكلمنا فيه وإنما ذلك له سبحانه أظهره في هذا المحل الخاص كحركة المرتعش وكل ما صدر عن غير إرادة فما هو نائب صاحب هذه الصفة فالنائب يطلعه الله في قلبه على ما يريد الحق إيجاد عينه من الممكنات وهو على ضربين في اطلاعه فتارة يكون عن نظر وفكر فينوب بنظره وفكره عن الله المدبر المفصل من حيث إنه يدبر الأمر يفصل الآيات وتارة يخطر له بديهيا ما يلقيه الله في باطنه كما يعطي العلم الإلهي الإرادة الإلهية التعلق بإيجاد أمر ما من غير حكم الاسم المدبر المفصل فيظهر هذا الممكن على يد هذا المخلوق الذي هو مريد له وهو النائب بالوجهين التدبير والبديهة فقد حصل لهذا النائب اطلاع على حضرة أعيان الممكنات في شيئية ثبوتها في النائب في حضرة خياله وذلك أن الله أخرج هذا الممكن من شيئية ثبوته إلى شيئية وجوده في حضرة خيال ليقع الفرق بين الله وبين النائب في ظهور هذه العين المطلوب وجودها في عالم الحس فتتصف هذه العين بأنها محسوسة إن كانت صورة وإن لم تكن صورة يدركها البصر وتكون معنى فيلبسها صورة العبارات عنها أو صورة ما يدل عليها من إيماء أو إشارة فتلك صورتها التي يمكن أن تظهر لعين الرائي فيها أو السامع أو ما كان فالنائب على الحقيقة إنما أخرج بالإرادة ما أخرج من وجود خيالي متوهم أو معقول إلى وجود حسي مقيد بصورة عينية أو لفظية أو ما كان وتعلق بهذا الوجود البصر من الرائي إن كان في صورة عين وإن كان في صورة لفظ وأشباهه فيدركه بسمع فيضاف مثل هذا الوجود والإيجاد إلى النائب ولكن لا بد من شرط الإرادة والاختيار في ذلك فإن تعرى عنهما فليس من بنائب ولو ظهر ذلك منه وعليه بل ذلك لله تعالى وأما وجود ما لا ينقال فليس للنائب فيه دخول ألبتة فإن ذلك من خصائص الحق فتفهم ما بيناه لك فإنه من لباب المعرفة وأما النيابة الرابعة فهي نيابته فيما نصبه الحق له مما لو لم يكن عنه لكان ذلك عن الله تعالى فاعلم أن الله تعالى لما أراد أن يعرف فلا بد أن ينصب دليلا على معرفته ولا بد أن يكون الدليل مساويا له تعالى في العلم به من حيث هو أمر موجود وأن يكون عالما بنفسه من حيث ما هو موصوف بصفة تسمى العلم وعالم بنفسه بما هو يرى نفسه وتسمى مكاشفة أو مشاهدة وهذا من كونه ذا بصر فإن الله وصف نفسه بأن له بصرا كما وصف نفسه بأن له علما قال تعالى أنزله بعلمه وفي الخبر الإلهي ما قاله لموسى وهارون إنني معكما أسمع وأرى وورد في حديث الحجب وهو صحيح ما أدركه بصره من خلقه فلما نصب الدلالة عليه نصبها في الآفاق فدلت آيات الآفاق على وجوده خاصة فما نابت الآفاق في الدلالة عليه بما جعل فيها من الآيات منا به لو ظهر للعالم بذاته فخلق الإنسان الكامل على صورته ونصبه دليلا على نفسه لمن أراد أن يعرفه بطريق المشاهدة لا بطريق الفكر الذي هو طريق الرؤية في آيات الآفاق وهو قوله تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق ثم لم يكتف بالتعريف حتى أحال على الإنسان الكامل حتى قال وفي أنفسهم وهنا قال حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك إشارة إلى ما خلق عليه الإنسان الكامل الذي نصبه دليلا أقرب على العلم من طريق الكشف والشهود فقال أهل الشهود كفانا ألم تر إلى ربك كيف مد الظل فذكر الكيف والظل لا يخرج إلا على صورة من مده منه فخلقه رحمة فمد الظل رحمة واقية فلا مخلوق أعظم رحمة من الإنسان الكامل ولا أحد من المخلوقين أشد بطشا وانتقاما من الإنسان الحيواني فالإنسان الكامل وإن بطش وكان ذا بطش شديد فالإنسان الحيواني أشد بطشا منه ولذلك قال أبو يزيد بطشي أشد منه من حيث نفسه الحيوانية لأنه يبطش بما لم يخلق فلا رحمة له فيه والحق يبطش بمن خلق فالرحمة مندرجة في بطشه حيث كان فإن
(٢٨١)