مركب من سطوح فهو مركب من خطوط وهي مركبة من نقط فغاية التركيب الجسم والجسم ثمان نقط وليس المعلوم من الحق إلا الذات والسبع الصفات فلا هي هو ولا هي غيره فما الجسم غير النقط ولا النقط غير الجسم ولا هي عينه وإنما قلنا ثمان نقط أقل الأجسام لأن اسم الخط يقوم من نقطتين فصاعدا وأصل السطح يقوم من خطين فصاعد ا فقد قام السطح من أربع نقط وأصل الجسم يقوم من سطحين فصاعدا فقد قام الجسم من ثمان نقط فحدث للجسم اسم الطول من الخط واسم العرض من السطح واسم العمق من تركيب السطحين فقام الجسم على التثليث كما قامت نشأة الأدلة على التثليث كما إن أصل الوجود الذي هو الحق ما ظهر بالإيجاد إلا بثلاث حقائق هويته وتوجهه وقوله فظهر العالم بصورة موجدة حسا ومعنى فنور على نور وظلمة فوق ظلمة لأنه في مقابلة كل نور ظلمة كما أنه في مقابلة كل وجود عدم فإن كان الوجود واجبا قابلة العدم الواجب وإن كان الوجود ممكنا قابلة العدم الممكن فالمقابل على صورة مقابله كالظل مع الشخص واعلم ما نبهك الله عليه في قوله تعالى ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور فالنور المجعول في الممكن ما هو إلا وجود الحق فكما وصف نفسه بأنه أوجب عليها ما أوجب من الرحمة والنصر في مثل قوله كتب ربكم على نفسه الرحمة وقال وكان حقا علينا نصر المؤمنين كذلك وصف نفسه بالجعل في الممكن إذ لولا النور ما وجد له عين ولا اتصف بالوجود فمن اتصف بالوجود فقد اتصف بالحق فما في الوجود إلا الله فالوجود وإن كان عينا واحدة فما كثره إلا أعيان الممكنات فهو الواحد الكثير فينقسم بحكم التبعية لأعيان الممكنات كما نحن في الوجود بحكم التبعية فلولاه ما وجدنا ولولانا ما تكثر بما نسب إلى نفسه من النسب الكثيرة والأسماء المختلفة المعاني فالأمر الكل متوقف علينا وعليه فبه نحن وهو بنا وهذا كله من كونه إلها خاصة فإن الرب يطلب المربوب طلبا ذاتيا وجودا وتقديرا والله غني عن العالمين لأنه لا دليل عليه سوى نفسه لأنه وصف نفسه بالغنى فإن غير الوجود الحادث ما تعرفه معرفة الحدوث ولا يتصف الممكن بالوجود حتى يكون الحق عين وجوده فإذا علمه من كونه موجودا فما علمه إلا هو فهو غني عن العالمين والعالم ليس بغني عنه جملة واحدة لأنه ممكن والممكن فقير إلى المرجح فالحجب الظلمانية والنورية التي احتجب بها الحق عن العالم إنما هي ما اتصف به الممكن في حقيقته من النور والظلمة لكونه وسطا وهو لا ينظر إلا لنفسه فلا ينظر إلا في الحجاب فلو ارتفعت الحجب عن الممكن ارتفع الإمكان وارتفع الواجب والمحال لارتفاعه فالحجب لا تزال مسدلة ولا يمكن إلا هكذا أنظر إلى قوله في ارتفاع الحجب ما ذكر من إحراق سبحات الوجه ما أدركه بصره من خلقه وقد وصف نفسه بأن الخلق يراه ولا تحترق فدل على إن الحجب لم ترفع مع الرؤية فالرؤية حجابية ولا بد والضمير في بصره يعود على ما وما هنا عين خلقه فكأنه يقول في تقدير الكلام ما أدركه بصر خلقه فإنه لا شك أنه تعالى يدركنا اليوم ببصره تعالى وسبحات وجهه موجودة والحجب إن كانت عينه فلا ترتفع وإن كانت خلقا فإن السبحات تحرقها فإنها مدركة لبصره من غير حجاب ولو احترقت الحجب احترقنا فلم نكن ونحن كائنون بلا شك فالحجب مسدلة فلو فهم الناس معنى هذا الخبر لعلموا نفوسهم ولو علموا نفوسهم لعلموا الحق ولو علموا الحق لاكتفوا به فلم ينظروا إلا فيه لا في ملكوت السماوات والأرض فإنهم إذا انكشف لهم الأمر علموا أنه عين ملكوت السماوات والأرض كما علمه الترمذي الحكيم فأطلق عليه عند هذا الكشف الإلهي اسم ملك الملك فالأمر دوري ولا يعلم * والشأن محكوم ولا يحكم فليس إلا الله لا غيره * وليس إلا كونه المحكم فهو الذي يعلم وقتا كما * يجهل في وقت ولا يعلم (وصل) واعلم أيدك الله أن الأمر يعطي أنه لولا النور ما أدرك شئ لا معلوم ولا محسوس ولا متحيل أصلا وتختلف على النور الأسماء الموضوعة للقوى فهي عند العامة أسماء للقوى وعند العارفين أسماء للنور المدرك به فإذا أدركت المسموعات سميت ذلك النور سمعا وإذا أدركت المبصرات سميت ذلك النور بصرا وإذا أدركت الملموسات سميت ذلك المدرك به لمسا وهكذا المتخيلات فهو القوة اللامسة ليس غيره والشامة والذائقة والمتخيلة والحافظة والعاقلة
(٢٧٦)