لأن يكون من أهل الحق وإذا أعلمه الشيخ بذلك المعنى الموجب لإظهار هذه الصورة والنفس مجبولة على الخيانة وعدم الصدق ظهر بالصورة مع عدم المعنى فيقع الغلط كما يظهر المنافق بصورة المؤمن في العمل الظاهر والباطن معرى عن الموجب لذلك العمل وفيه علم الضيق في النار ما سببه مع ما فيه من السعة وفيه علم ما يقرن مع المؤمن في الجنة وما يقرن مع المشرك في النار والفرق بين الوجود والتوحيد فإن المشرك مؤمن بالوجود غير موحد والعذاب أوجبه في النار عدم التوحيد لا إثبات الوجود فمن هنا تعرف قرين المشرك من قرين المؤمن وفيه علم دخول جميع الممكنات في الوجود من حيث أجناسها وأنواعها لا من حيث أشخاصها وآحادها لا بل أشخاص بعضها لا كلها وهنا نظر دقيق يعطيه الكشف هل الخلق الجديد في الصور كلها في الوجود لحاملها التي بعض الناس في لبس منها أو لا فمن رأى التجديد قال لا تتناهى أشخاص كل نوع أبدا ومن رأى أن لا تجديد قال في الآخرة إنه قد تناهت أشخاص هذا النوع الإنساني فلا يوجد إنسان بعد ذلك وهي مسألة دقيقة لا يتمكن لنا الكلام فيها جملة واحدة فإنها من جملة الأسرار التي لا تذاع إلا لأهلها فإنها من العلوم التي تنقال إلا لأهل الروائح ومن لا شم له لا يقبل الأخبار عن حقيقتها وفيه علم ما يعطي مما لا يعطي وفيه علم ما هي السعادة في أن يجهل فإن العلم يعطي في العالم إذا علم أمرا ما فقد اكتفى به وصار يطلب علما آخر إذ الحاصل لا يبتغى فإذا قال علمت كذا فمن المحال أن تتشوق النفس إليه بعد حصوله فذلك لا يعلم أحد الله أبدا لأنه يؤدي إلى الاستغناء عنه من حيث علمه به فإن قلت بل علمه به جعله لا يستغني عنه قلنا لك ما هذا هو العلم به بل العلم الذي ذكرته هو العلم بكونه لا يستغني عنه والعلم به الذي أردناه أمر آخر فأنت عالم بالحكم لا به فلا تعارض بين ما اعترضت به علينا وبين ما قلنا فافهم وفيه علم ابتلاء العالم بعضه ببعض هل هو من باب الرحمة بالعالم أو من باب الشقاء وفيه علم الموانع التي منعت من قبول ما جاء من عند الله مع تشوق النفوس إلى رؤية الغريب إذا ورد والقبول عليه فإن رحمة الشريعة لا يدركها إلا العلماء خاصة ولهذا لا يردها عالم حيث يراها ولهذا أمرنا بالإيمان بها وإن كانت قد نسخت وارتفع حكمها وصار العمل بها حراما علينا وفيه علم نفع العلم وفيه علم ما تراه شيئا وليس بشئ وهو شئ لأنك رأيته شيئا مثاله السراب تراه ماء والآل الذي هو شخص الإنسان في السراب يعظم فلا يشك في عظمه فإذا جئته لم تجده كما رأيته ولا تشك فيما رأيته وغيرك في ذلك الحين ممن هو على المسافة التي رأيته أنت فيها عظيما يراه عظيما وأنت تراه ليس بعظيم حين جئته وهو علم إلهي شريف وفيه علم المفاضلة بين الضدين كالمفاضلة بين السواد والبياض وذلك لكون اللون جمعهما فوقعت المفاضلة فلا بد في كل مفاضلة في الوجود من جامع يجمع بينهما أي يجتمع فيه جميع من في الوجود ولهذا فرت الباطنية في الباري إذا قيل لها إنه موجودا لي ليس بمعدوم وما علمت أنها وقعت في عين ما فرت منه فإنه أيضا كما ينطلق على الموجود الحادث لفظة موجود ينطلق عليه اسم ليس بمعدوم فقد وقعت الشركة في أنه ليس بمعدوم وكذا جميع ما يسأل عنه الباطني ولهذا كانوا أجهل الناس بالحقائق وفيه علم الغمام وهو من الغم وكون الحق يأتي فيه يوم القيامة أو الملائكة أو الحق والملائكة فما يعطى من الغم وفيه علم متى ينفرد الحق بالملك أو لم يزل منفردا به ولكن جهل في موطن وعرف في موطن وهو هو ليس غيره فإنه تعالى ملك بالحقيقة والمخلوق ملك بالجعل قال تعالى وجعلكم ملوكا ومن هنا تعلم من هو ملك الملك وفيه علم الظلم الذي أتت به الشرائع وما أثره وعلم الظلم الذي يعطيه العقل وما أثره وعلم الظلم المحمود والمذموم وفيه علم الفرق بين شياطين الإنس وبين شياطين الجن وما ينبغي أن يصحب ومن لا ينبغي أن يصحب مطلقا من هذا النوع الإنساني وفيه علم التجاء الدعاة إلى الله إذا لم تسمع دعوتهم سواء كان رسولا أو وارثا وفيه علم كون الحق جعل لكل شئ ضدا وفيه علم اختصاص أحد الضدين بالحب الإلهي والآخر بالبغض الإلهي والصدور من عين واحدة أو هو من يدين مختلفتين في الحكم وفيه علم حدوث الأحكام بحدوث النوازل وأن الشرع ما انقطع ولا ينقطع إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وإن انقطعت النبوة فالشرع ما انقطع ما دام في العالم مجتهد وفيه علم المضاهاة الإلهية للأكوان فهل ذلك لعلو قدر الأكوان أو لأمر آخر مثل قوله تعالى ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا وفيه علم من يمشي على بطنه من الأناسي وفي أي صورة يحشر من هذا مشيه وفيه علم من حبس نفسه مع الأدنى مع معرفته بالأعلى
(٢٧٣)