مقام بيان حكم الاحتكار، كما في صحيحة سالم الحناط (1) حيث أخبر سالم بأنه يقولون يحتكر فتصدى الإمام (عليه السلام) لبيان أن الاحتكار فيما إذا لم يكن هناك باذل مستشهدا بقصة حكيم بن حزام، وكما في صحيحة الحلبي (إنما الحكرة أن تشتري طعاما وليس في المصر طعام غيره) (2).
وجملة منها تدل على ثبوت البأس فيه، وثبوت التحريم به مبني على أن يكون البأس بمعنى العذاب، وهو غير معلوم، بل لعل جامعه في موارد اطلاقاته باختلاف هيئاته هو السوء والشدة، فلا يدل إلا على أنه سئ وأنه منفور مرغوب عنه، وقوله (صلى الله عليه وآله) (إياك) (3) للتحذير المستعمل كثيرا في المكروه الذي ينبغي أن يتجنب عنه، والمنع أعم من التحريمي والتنزيهي.
وما في النهج من قوله (عليه السلام) (فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه فنكل به وعاقب... الخ) (4) لا يدل على جواز عقوبة المحتكر ليدل على حرمته، بل دليل على جواز تنكيل الحاكم الحافظ لسياسة البلاد والعباد بعد صدور الحكم منه بالمنع من الاحتكار والاخراج إلى السوق، لا بمجرد الاحتكار الممنوع عنه شرعا بمحض اطلاع الحاكم عليه.
وأما ما استند إليه غير واحد من كشف الزام الحاكم بالبيع عن حرمة الاحتكار، بتقريب: أنه لا الزام على ترك المكروه.
ففيه: أن الاحتكار إن كان هو الامتناع عن البيع، فحينئذ يكون الزامه بالبيع - من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - كاشفا عن حرمة الامتناع، لوجوب البيع الذي هو نقيضه، حيث لا الزام على غير الواجب، وأما إذا كان الاحتكار هو حبس الطعام وادخاره في قبال اخراجه إلى السوق فهو أجنبي عن البيع والامتناع عنه، نعم