لأن المراد من الحق إما نفس الأرض أو أجرتها، فيدل على أنه ملكه، وإلا لما كانت عليه الأجرة لغير مالكه، واحتمال انتقال الأرض مسلوبة المنفعة بلا وجه، لتبعية المنفعة للعين إذا لم تكن مسلوبة بناقل قبل انتقال العين، وهو هنا غير مفروض.
والمستند للقول بالزوال والتملك بالاحياء صحيحة معاوية بن وهب وصحيحة الكابلي، أما صحيحة معاوية بن وهب فهي (قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أيما رجل أتى خربة داثرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها فإن عليه فيها الصدقة، فإن كانت أرضا لرجل قبله فغاب عنها وتركها فأخر بها، ثم جاء بعد يطلبها فإن الأرض لله ولمن عمرها) (1) فإن ظاهرها أن الأرض لمن يقوم بعمارتها، لا لمن تركها فأخر بها كما هو ظاهر سياق الكلام، فإرادة العامر الأول بعيدة جدا، وإلا لم يكن لهذه القيود معنى، من حيث غيبة الرجل وتركه للأرض وتخريبها في بقاء ملكه، فإن ذكر هذه القيود لبيان موجب الزوال، لا لبيان موجب البقاء كما لا يخفى، كما أن التعبير عن الثاني بمن عمرها لبيان موجب حدوث الملك.
وأما صحيحة الكابلي فمورد الحاجة هذا (فمن أحيى أرضا ميتا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي (عليهم السلام)، وله ما أكل منها، فإن تركها أو خربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها، فليؤد خراجها إلى الإمام (عليه السلام) من أهل بيتي وله ما أكل منها... الخبر) (2) وهذه أظهر من الأولى من حيث التصريح بأن ما ثبت للأول زال عنه وثبت للثاني، ومن حيث إن الخراج الموضوع لا يرجع إلى الأول، بل إلى الإمام (عليه السلام) فلا تشبث للأول بالأرض بوجه.
وللجمع بين الخبر الأول والصحيحتين طريقان:
أحدهما: أن الخبر الأول نص في عدم مالكية الثاني، وصحيحة معاوية بن وهب ظاهرة في مالكية العامر الثاني، والنص مقدم على الظاهر، فتحمل اللام على مجرد