الأحكام الشرعية من التكليفية والوضعية أن سبب ثبوتها غير محرز في الحالة الثانية، بل المستصحب - إذا لم يكن محدودا ولم يكن له عمر مخصوص وأمد خاص - يكون الشك في وجوده في ثاني الحال شكا في بقائه، لا شكا في وجود آخر مبائن له بسبب الشك في وجود علته فعلا، وتمام الكلام في محله (1).
وأما الاستناد في تملك الثاني بالاحياء إلى عموم (من أحيى) فيورد عليه بأنه من التمسك بعموم العام في الشبهة المصداقية، بأحد تقريبين بناء على القطع بأن الملك الفعلي للغير غير قابل لتملكه بالاحياء:
تارة بملاحظة تعنون العام بكون القابل للاحياء الأرض الميتة الغير المملوكة لأحد، وهذا العنوان غير محرز، فإن عنوان الغير المملوكة كعنوان الميتة لا بد من إحرازه، والكبرى غير متكفلة لثبوت الصغرى، بل متوقفة على ثبوتها، خصوصا بملاحظة ما ورد من التعنون به في بعض الروايات، حيث قال (صلى الله عليه وآله) (من أحيى أرضا ليست لأحد فهي له) (2) وفي بعضها الآخر (من غرس شجرا أو حفر بئرا لم يسبقه أحد إليه... الخ) (3).
وأخرى بملاحظة أن العام بسبب القطع بالتخصيص - وإن لم يعنون بعنوان - إلا أن الشك في تردد المشكوك بين دخوله في ما بقي تحت العام وما خرج منه كاف في عدم صحة الاستدلال، إذ ليس الشك في زيادة التخصيص، بل في اندراجه تحت المخصص المعلوم، والعام لا يشخص ذلك وإن صدق عنوانه عليه.
والجواب: أما عن التقريب الأول: بأنه إن كان الغرض تعنون العام بعنوان من قبل المخصص، فقد بينا في محله من أن الظهور والكشف النوعي القائم بالعام يستحيل تغيره وتبدله بورود ألف مخصص، إذ الشئ لا ينقلب عما هو عليه من حده الوجودي.