الاختصاص المجامع مع الحق، فالأرض للأول ملكا وللثاني الأحقية بعمارتها المجامعة مع أداء الأجرة إلى مالكها، فليس للمالك الممتنع عن عمارة الأرض أن يزاحم من يقوم بعمارتها، فتدبر.
وأما بالنسبة إلى صحيحة الكابلي فأوضح من وجه، لأن الصحيحة ظاهرة في أحقية الثاني، لا في مالكيته، فلا معارض في الملك للخبر، ومع فرض مساوقة الأحقية المطلقة للملكية، وحمل الخراج على كونه حقا شرعيا إلهيا للإمام (عليه السلام) لا أجرة للأرض المملوكة له (عليه السلام)، فالأمر فيه ما تقدم من عدم مزاحمة الظاهر للنص، لكنه من وجه آخر الأمر أشكل من الأولى، لأن ظاهر هذه الصحيحة أن عين ما ثبت للأول منفي عنه وثابت للثاني، إن حقا فحقا وإن ملكا فملكا، فمن حيث الاثبات للثاني وإن كان غير قابل للمزاحمة، لكنه من حيث النفي عن الأول ما ثبت له من حق أو ملك فهو قابل للمزاحمة.
ويمكن دفعه: بأن نفي الأحقية عن الأول مما يقول به، ولا منافاة بين أن يكون مالكا لكن ليس له المزاحمة مع من يقوم بعمارة ما امتنع عن عمارته.
وأما أن الثابت للأول هي الأحقية المقابلة للملك فهو مناف لجميع أدلة الباب الدالة على سببية الاحياء للملك، كما أن دلالة الصحيحة على وجوب أداء الخراج إلى الإمام (عليه السلام) بأي معنى كان لا بد من علاجه، ولعله نتعرض (1) إن شاء الله تعالى لما ينبغي أن يقال بناء على سببية الاحياء للأحقية فقط.
ثانيهما: أن خبر سليمان بن خالد مطلق من حيث كون الأرض مملوكة للأول بالاحياء وبغيره من النواقل الشرعية الاختيارية وغيرها، إذ ليس فيه إلا أنه يعرف صاحبها المراد به مالكها، وسبب الملك غير مذكور، وصحيح معاوية بن وهب أيضا كذلك، فإنه ليس فيه إلا أنه كانت الأرض لرجل قبله، وكونه له أعم من أنه له بالاحياء أو بغيره، وأما أنه تركها فأخر بها فلا يدل إلا على أن خرابها مستند إليه، لا أن عمارتها الموجبة للملك مستندة إليه، وعليه فالخبر والصحيح متعارضان بنحو