فالشارع جعل لها حق فكاك رقبتها عن الوارث بالسعي في أداء قيمة نصيبه إليه لتنعتق ببذل قيمتها، بخلاف ما نحن فيه، فإنه ملك الولد وتنعتق عليه بموجب، وليس ملكا للديان حتى يجب عليها فك رقبتها بالسعي في أداء قيمتها إليهم.
وأما تعلق حق الديان بمنافع أم الولد: فبملاحظة أن المنافع مملوكة للميت، فهي كالعين متروكة منه، والعين لمكان الانعتاق وعدم جواز بيعها في الدين ليست متعلقا لحق الغرماء، بخلاف المنافع فإنه لا مانع من تعين حقهم في هذا المتروك، وليست المنافع كذمة الولد وذمة أمه، لعدم كونهما من المتروكات.
وفيه: إن قلنا بأن التركة تنتقل إلى الديان صح ما ذكر، فإن العين غير قابلة للانتقال إليهم دون المنافع، فالعين مملوكة للولد والمنافع للديان في عرض واحد، وأما إن قلنا بانتقال التركة أيا ما كان إلى الوارث دون الديان فلا بد من اعتبار حق للديان في ملك الوارث، وحيث إن المنافع مملوكة بتبع ملك العين بالإرث، فإذا انعتق المملوك زال ملك المنافع أيضا بالتبع إذا لم تكن مملوكة للغير قبل زوال ملك العين، وحيث إن فرض اعتبار الحق في ملك الوارث، ولا ملك له لزواله بالانعتاق أصلا وفرعا، فلا معنى لبقاء حق الديان في المنافع المملوكة للولد، حيث لا منفعة مملوكة له بعد الانعتاق.
نعم إذا قيل بأن المنافع مملوكة للمورث استقلالا صح تعلق حق الديان بها، فلا يجوز التصرف فيها إلا بعد أداء الدين، لكنه ممنوع إلا فيما إذا كانت المنافع مملوكة بسبب مستقل، كما إذا ملك المنفعة بإجارة أو صلح وتركها بعد موته، وأما المنافع التي هي للعين الملوكة فهي مملوكة بتبع ملك العين، لا أن الميت ترك عينا ومنفعة ليصح التوهم المزبور، ولذا لا شبهة في أن منافع أم الولد لا تبقى على ملك الوارث لانعتاقها عليه، مع أن مورد الانعتاق هو العين، فتدبر.
ومن جميع ما ذكرنا تبين أنه لا موجب لتعلق حق الغرماء بذمة الولد ولا بذمة أمه ولا بمنافعها، فلا موجب لبقائه، فيكون من حيث عدم محل له باقيا في ذمة الولد كما إذا مات ولم يخلف شيئا أصلا.