وكانت المفسدة أضعف من تلك المصلحة - صح أن يقال إن مصلحة التكفين بمال الميت إذا كانت أقوى من مصلحة أداء الدين - وهي على الفرض أقوى من مفسدة البيع - فمصلحة التكفين أقوى من مفسدة البيع في مقام التأثير.
وأما إذا كانت المفسدة مزاحمة وجودا بمصلحة أداء الدين فالبيع في أداء الدين لا مفسدة فيه، كالكذب المنجي للمؤمن مثلا، فحينئذ لا مجال للأولوية، إذ كون مصلحة التكفين أقوى تأثيرا من مصلحة أداء الدين لا يكون دليلا على أنها مزاحمة وجودا ودافعة لنفس مفسدة البيع، وصرفها في الكفن عند الدوران لا لأجل أقوائية مصلحة التكفين من مفسدة البيع، بل لأجل أنه لا مفسدة، لاندفاعها بوجود الدين الموجب لصيرورته ذا مصلحة فقط.
نعم إذا كانت مصلحة التكفين مع مصلحة أداء الدين متسانختين، فلا محالة إذا كان الأضعف دافعا لنفس المفسدة كان الأقوى أشد دفعا، مع أن مصلحة كل منهما غير مصلحة الآخر جزما، ومن الواضح أن دليل تقديم الكفن على الدين لا يتكفل وجه التقديم، حتى يجدي في غير صورة الدوران.
وأما اثباتا فلأن دليل تقديم الكفن على الدين ظاهر في تقدمه عليه بما هو، فإن كان مطلقا بحيث يعم صورة تعلق حق الديان بأم الولد وجب بيعها وصرف ثمنها في الكفن، لا لتقدمه على حق الاستيلاد، بل لتقدمه على حق الديان المقدم على حق الاستيلاد، وإن لم يكن مطلقا لعدم النظر إلى موارد الدين، ومزاحمته لحق آخر فلا يجدي في صورة الدوران أيضا، وسيأتي (1) إن شاء الله تعالى الكلام في الاطلاق.
- قوله (قدس سره): (بل اللازم أيضا ذلك بناء على حصر... الخ) (2).
ومحصله: بملاحظة التوضيح الآتي في كلامه (قدس سره) - أنه إذا فرض وجود مال يجهز به الميت وأم ولد لم يؤد ثمنها، يحكم بصرف المال في الكفن دون الدين الذي هو من قبل ثمن أم الولد، ويجوز بيعها، فيدل بالالتزام على تقدم حق الميت على حق