قبال ابدال العين.
أما الأول: فالأمر دائر بين ضررين، ضرر البطن الموجود من حيث ذهاب المنفعة التي هي ملك طلق له، وضرر البطن المعدوم والواقف من حيث ذهاب المنفعة منهم حال وجودهم، ولا موجب لسد ضرر الغير بتحمل الضرر كما قدمناه (1) سابقا.
وأما الثاني: فالأمر دائر بين رعاية حقين أو رعاية حقوق الواقف والموجودين والمعدومين جميعا، والثاني أولى، لأن الأول يوجب فوات حق البطن الموجود من دون موجب ولا تدارك، فتدبر جيدا.
- قوله (قدس سره): (من أن بقاء الوقف والحال هذه... الخ) (2).
قد تقدم الكلام في تحقق موضوع إضاعة المال في نفسه، وأن تحريم البيع الذي هو بمنزلة ايجاب التضييع في هذه الصورة لا ينافي تحقق الموضوع، وسلب القدرة عن البيع شرعا لا يوجب عدم كون المال تحت سلطانه حقيقة، بل مال له السلطنة على ابقائه خارجا وعدمه، غاية الأمر أن إيجاب ابقائه حتى في هذه إيجاب ما هو إضاعة المال في نفسه، ولذا عبر بعنوان التضييع فيما تقدم حيث قال (رضي الله عنه) (والأول تضييع مناف لحق الله تعالى... الخ) (3).
وأما النقض بلزوم عمارة الأوقاف المشرفة على الخراب إذا لم يمكن البيع، أو مقدما لها عليه إذا أمكن.
فيندفع: بأن العمارة حيث إنها تستلزم الضرر على الموقوف عليه الموجود غير لازمة بمقتضى نفي الضرر الحاكم على سائر الأدلة، فلا يقاس بها البيع الذي ليس كذلك، بل تحفظ على انتفاع الموجود والمعدوم بالعين، وقد تقدم منا ما يتعلق بالمقام (4).