ملاحظات:
ونحن نسجل على ما تقدم باختصار شديد الإشارات التالية:
ألف: ان أموال مخيريق، وهي سبعة حوائط، قد أصبحت للنبي (ص) بعد أن استشهد مخيريق، بمقتضى وصيته نفسه. ولم يكن لليهود أن يأخذوا منها شيئا، حيث إنه ليس للكافر أن يرث المسلم. وحيث لم يكن لمخيريق وارث، فان النبي (ص) يكون وارثه. ولسوف يأتي بعض الكلام عن مصير أمواله (ص) عند الكلام عن فدك إن شاء الله تعالى.
ب: ان موقف مخيريق هذا في أحد يذكرني بموقف الحر الرياحي في كربلاء. فكل منهما قد اتخذ القرار الحاسم في أحرج اللحظات، وأكثرها حساسية. فان مخيريق قد استطاع أن يتخلى عن كل ما يحيط به من روابط، تشده إلى الأرض، وتهيمن عليه، وتمنعه من اتخاذ القرار طيلة تلك المدة الطويلة، وكذلك فعل الحر أيضا. وان تحكيم العقل، والتخلي عن كل تلك الروابط، وابعاد سائر تلك المؤثرات، يحتاج إلى جهد نفسي كبير. وبهذا تعرف الرجال، وما تحمله من فضائل نفسية، وملكات انسانية. لان حالات كهذه تكون الأعصاب فيها عادة في أقصى حالات التوتر، والمشاعر والعواطف في منتهى تأججها. وكل الروابط والمؤثرات الأرضية تكون واضعة كل ثقلها في تصوراته، ونظراته المستقبلية. ولهذا كان (مخيريق) خير يهود.
ولعل الذي سهل على مخيريق اتخاذه قراره الحاسم ذاك، هو قناعاته المترسخة في عمق وجدانه، والتي تستمد عمقها هذا من الاخبارات الصريحة والقاطعة التي يجدها عنده في التوراة والإنجيل، حتى أن اليهود كانوا يعرفون النبي (ص) كما يعرفون أبناءهم.
ج: ان اصرار عمرو بن الجموح على الخروج إلى الحرب، واذن النبي (ص) له، انما يعني أن عدم الخروج للجهاد، رخصة للأعرج لا