المشركون في طريق المدينة:
ولما انتهت قريش إلى الأبواء، ائتمروا في أن ينبشوا قبر أم محمد (ص)، وقالوا: (فان النساء عورة، فان يصب من نسائكم أحدا، قلتم:
هذه رمة أمك. فإن كان برا بأمه - كما يزعم - فلعمري لنفادينهم برمة أمه، وان لم يظفر بأحد من نسائكم، فلعمري ليفدين رمة أمه بمال كثير، إن كان بها برا) (1).
وكانت زعيمة هذا الرأي هند زوجة أبي سفيان، فاستشار أبو سفيان أهل الرأي من قريش، فقالوا: لا تذكر من هذا شيئا، فلو فعلنا نبشت بنو بكر وخزاعة موتانا.
وسارت قريش حتى نزلت بذي الحليفة، وسرحوا ابلهم في زروع المدينة، التي كان المسلمون قد أخلوها من آلة الزرع قبل ذلك، وأرسل النبي (ص) بعض العيون لمراقبتهم، وأرسل أيضا الحباب بن المنذر سرا لمعرفة عددهم وعدتهم، وقال له: إذا رجعت فلا تخبرني بين أحد من المسلمين، الا أن ترى في القوم قلة، فرجع إليه فأخبره خاليا، وأمره الرسول (ص) بالكتمان (2).
ونشير نحن هنا إلى أمرين:
الأول: معرفة النبي بواقع أصحابه:
ان سبب أمره (ص) عينه الذي أرسله إليهم بذلك واضح، فان معرفة المسلمين بعددهم وعدتهم سوف يثبط من عزائم بعضهم، ممن اعتادوا:
أن يقيسوا الأمور بالمقاييس المادية، ولم يتفاعلوا بعد مع دينهم