الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) - السيد جعفر مرتضى - ج ٦ - الصفحة ٢٧١
فان عمر كان يحاول هذا المنع في زمن النبي (ص) بالذات، ولم يرتدع بردع النبي له الا ظاهرا. فلما توفي (ص) ولم يبق ما يحذر منه، صار الموقف السياسي يتطلب الرجوع إلى ما عند أهل الكتاب، فكان منع الزهراء عن ذلك، كما قدمنا.
وقد جاء هذا موفقا للهوى والدافع الديني والسياسي على حد سواء.
ومما يدل على أن ذلك مأخوذ من أهل الكتاب: أنه قد جاء في التوراة:
(يا ابن، ها أنذا آخذ عنك شهوة عينيك بضربة، فلا تنح ولا تبك، ولا تنزل دموعك، تنهد ساكتا، لا تعمل مناحة على أموات) (1).
د: حزن النبي (ص) على حمزة:
1 - ان من الثابت حسبما تقدم، أن النبي (ص) قد حزن على حمزة وبكى عليه، وأحب أن يكون ثمة بواكي له، كما لغيره. وواضح:
أن حزن الرسول هذا، ورغبته تلك ليسا الا من أجل تعريف أصحابه، والأمة أيضا بما كان لحمزة من خدمات جلى لهذا الدين، ومن قدم ثابتة له فيه، وبأثره الكبير في اعلاء كلمة الله تعالى. ويدلنا على ذلك أنه (ص) قد وصفه - كما يروى - بأنه كان فعولا للخيرات، وصولا للرحم الخ (2).
ولأن حزنه (ص) عليه كان في الحقيقة حزنا على ما أصاب الاسلام

(١) حزقيال. الأصحاح ٢٤ الفقرة ١٦ - ١٨.
(٢) راجع: المواهب اللدنية ج ١ ص ٩٧، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٦، والسيرة النبوية لدحلان، بهامش الحلبية ج ٢ ص ٥٣، والإصابة ج ١ ص ٣٥٤، وأسد الغابة ج ٢ ص ٤٨، والدر المنثور ج ٤ ص ١٣٥، ودلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٢٢٨ ط دار الكتب العلمية، ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١١٩، ومستدرك الحاكم ج 3 ص 197.
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست