فان عمر كان يحاول هذا المنع في زمن النبي (ص) بالذات، ولم يرتدع بردع النبي له الا ظاهرا. فلما توفي (ص) ولم يبق ما يحذر منه، صار الموقف السياسي يتطلب الرجوع إلى ما عند أهل الكتاب، فكان منع الزهراء عن ذلك، كما قدمنا.
وقد جاء هذا موفقا للهوى والدافع الديني والسياسي على حد سواء.
ومما يدل على أن ذلك مأخوذ من أهل الكتاب: أنه قد جاء في التوراة:
(يا ابن، ها أنذا آخذ عنك شهوة عينيك بضربة، فلا تنح ولا تبك، ولا تنزل دموعك، تنهد ساكتا، لا تعمل مناحة على أموات) (1).
د: حزن النبي (ص) على حمزة:
1 - ان من الثابت حسبما تقدم، أن النبي (ص) قد حزن على حمزة وبكى عليه، وأحب أن يكون ثمة بواكي له، كما لغيره. وواضح:
أن حزن الرسول هذا، ورغبته تلك ليسا الا من أجل تعريف أصحابه، والأمة أيضا بما كان لحمزة من خدمات جلى لهذا الدين، ومن قدم ثابتة له فيه، وبأثره الكبير في اعلاء كلمة الله تعالى. ويدلنا على ذلك أنه (ص) قد وصفه - كما يروى - بأنه كان فعولا للخيرات، وصولا للرحم الخ (2).
ولأن حزنه (ص) عليه كان في الحقيقة حزنا على ما أصاب الاسلام