فكأن حبيبا (يعني أبا تمام الطائي رحمه الله) عناه بقوله:
ان الأسود أسود الغاب همتها يوم الكريهة في المسلوب لا السلب (1) الهزيمة بعد النصر:
ويقولون: لما رأى أصحاب الثغرة المشركين قد انهزموا، وأن المسلمين يغنمون، اختلفوا، فبعضهم ترك الثغرة للغنيمة.
وفي معالم التنزيل: انهم قالوا: نخشى أن يقول رسول الله (ص):
من أخذ شيئا فهو له، ولا يقسم الغنائم - كما لم يقسمها يوم بدر (2).
وقال بعضهم: وكانوا فوق العشرة، أو دونها -: لا نخالف أمر رسول الله (ص).
ولما سأل رسول الله (ص) التاركين لمراكزهم عن سبب ذلك، قالوا: تركنا بقية اخواننا وقوفا، بل ظننتم: أنا نغل، فلا نقسم لكم.
فأنزل الله تعالى: (وما كان لنبي أن يغل، ومن يغلل يأت بما غل) - الآية - وقال بعضهم: وأنزل الله: (منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة).
فلما رأى خالد قلة من على الثغرة، وخلاء الجبل، واشتغال المسلمين بالغنيمة، ورأى ظهورهم خالية، صاح في خيله، فمر بهم، وتبعه عكرمة في جماعة، فحملوا على من بقي في الثغرة، فقتلوهم جميعا، ثم حملوا على المسلمين من خلفهم. ورأت قريش المنهزمة عودة