خصوصا بملاحظة قصر فترة غيابه (ص) عن المدينة في سفراته تلك، أو بأن يوكل من له صلاحية القضاء بين الناس، ويكون هو الوالي العام الحافظ للنظام، والمنفذ لتلك الحكام.
2 - ان القول بأن المراد من تولي ابن أم مكتوم المدينة من قبل النبي (ص) هو توليه خصوص الصلاة بعيد جدا، وهو لا ينسجم مع اطلاق عباراتهم، مثل قولهم: (استخلفه على المدينة) أو (ولاه المدينة) أو نحو ذلك، خصوصا إذا لاحظنا: أنه (ص) قد استخلفه عليها اثنتي عشرة مرة، أو أكثر.
3 - ان الاستدلال على عدم جواز تولي الأعمى للقضاء بما ذكر، مدفوع بأن طريق معرفة الاشخاص والأعيان لا ينحصر بالنظر والرؤية، فيمكنه اثبات ذلك بالشهود، أو بالاقرار، أو بغير ذلك من وسائل. وليكن نفس توليته (ص) لابن أم مكتوم (لو ثبت كون القضاء داخلا في ولايته) اثنتي عشرة مرة، دليلا على جواز تولي الأعمى للقضاء.
ب: من أهداف تلك السرايا والغزوات:
ان العرب قد رأوا: أن النبي الذي خرج بالأمس إلى المدينة لاجئا، لا قوة له، قد أصبح هو وأصحابه يقفون في وجه قريش، ويجلون اليهود - كما سنرى -، ويرسلون السرايا تتهدد المسالك، ويقتلون، ويأسرون.
وعرفوا: ان ثمة قوة يجب أن يحسب لها حسابها، ولابد من التفكير مليا قبل الاقدام على أي عمل تجاهها في المنطقة. ولكن الغرور كان يستولي على بعض تلك القبائل، إلى حد التفكير في الدخول في حرب مع النبي (ص)، على حد تعبير البعض (1).