وتواترها، لا يسعنا قبول قول حسان المتقدم، الذي يقول فيه: ان الأنصار قد ثبتوا، وينسب الفرار إلى خصوص المهاجرين. الا أن يكون مراده: أن المهاجرين أو أكثرهم لم يرجعوا إلى ساحة القتال، واستمروا فوق الجبل، والذين ثابوا إلى الحرب هم خصوص الأنصار. ولعل كرة العدو عليهم، قد ضعضعتهم، فانهزموا، ثم لما علموا بحياة الرسول كروا على عدوهم من دون أن يصعدوا الجبل، ولعل هذا هو الأقرب والأظهر.
تأويلات سقيمة للفرار:
ويقول البعض هنا ما ملخصه: ان فرقة استمروا في الهزيمة حتى المدينة، فما رجعوا حتى انقضى القتال. وفرقة صاروا حيارى حينما سمعوا بقتل النبي (ص)، فصار هم الواحد منهم: أن يذب عن نفسه، ويستمر في القتال إلى أن يقتل. وفرقة بقيت مع النبي (ص)، ثم تراجعت إليهم الفرقة الثانية شيئا فشيئا لما عرفوا أنه حي. وما ورد في الاختلاف في العدد، فمحمول على تعدد المواطن في القصة، فقولهم: (فروا) أي بعضهم، أو أطلق ذلك باعتبار تفرقهم (1).
ونحن لا نريد أن نطيل في الرد على ذلك، فان ما تقدم مما دل على أنه لم يثبت الا فلان، أو فلان وفلان، وأن هذا قد فر، وذاك كذلك، وهكذا، يدفعه. ولا لكان الفرار منحصرا في الثلاثة، بعثمان وصاحبيه.
كما أنه لو صح ما ذكره فلا يبقى لعتاب الله لهم جميعا بقوله: (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم)، معنى ولا فائدة.
لماذا كانت الهزيمة:
1 - ان من الواضح: أن السبب الأول لما لحق بالنبي (ص)