فان عليا لم يكن يراهم محزونين على النبي (ص)، ولا معتمين بأمره، ولا حتى حين وفاته، بل لم يكن يعنيهم أمره أصلا، حتى اضطر أبو بكر إلى هذا الاستشهاد، لانقاذ موقفه. ولا بد أن يكون قد استشهد من هم على رأيه، وعلى مثل موقفه، من المقربين إليه.
بل نجد النبي (ص) نفسه يلمح للصحابة: أن غيرهم يحبه أكثر منهم. فقد روي أنه قال: إن قوما يأتون من بعدي، يود أحدهم أن يفتدي رؤيتي بأهله وماله (1).
بل اننا نجده (ص) يفضل الذين يأتون بعده ولم يروه، على أصحابه، كما يظهر من عدد من الروايات (2).
الفارون في أحد:
ومما يدل على أنه لم يثبت غير علي (ع): أن من تحاول بعض الروايات التأكيد على ثباتهم لا ريب في فرارهم، فيلاحظ التعمد والإصرار على ثبات طلحة، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم.
ونكتفي هنا بذكر عبارة الشيخ الطوسي رحمه الله، حيث قال: (ذكر البلخي: أن الذين بقوا مع النبي (ص) يوم أحد، فلم ينهزموا ثلاثة عشر رجلا، خمسة من المهاجرين: علي (ع)، وأبو بكر، وطلحة، وعبد الرحمان بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والباقون من الأنصار.
فعلي وطلحة لا خلاف فيهما، والباقون فيهم خلاف) (3).
وفي نص آخر: (أفرد النبي (ص) في تسعة، سبعة من الأنصار