يصح، لأنه خلاف الظاهر، فان ظاهر الكلام: أن المراد هو النار الأخروية، كما هو المتبادر، لا أن موته بسبب أن النار تجعل الماء حارا، ثم يقع فيه، فان ذلك - بالإضافة إلى أنه مجاز لا مبرر له الا إرادة تبرئة ساحة رجل له أمثال تلك الجنايات والعظائم - لا يصح، إذ لو كان هو المراد لكان الأصح هو التعبير بقوله: (بالنار)، لا (في النار)، أو يقول: في الماء الحار، ونحو ذلك.
فهذه الكرامة له، والتي تقول: انه كان يتشوق للمشاركة في الحرب، رغم صغر سنه، ثم مصارعته لرافع، لا تناسب كل ما أشرنا إليه آنفا، ولا تنسجم مع واقع سمرة ونفسيته. ولعل سر تكرم محبيه عليه بهذه الفضيلة، هو طاعته الخارقة لمعاوية، ومعاونته لابن زياد، وتحريضه على قتل الحسين، وغير ذلك.
ولو أننا قبلنا صدور ذلك منه، فإنه - ولا شك - قد انقلب على عقبيه بعد ذلك، ولا تنفعه أمثال هذه الأمور، بعد أن كانت عاقبته هي: النار.
ملاحظة:
ولا يخفى: أن هذا الكلام منه (ص) في حق هؤلاء الثلاثة من شأنه أن يسقطهم عن الاعتبار جميعا، إذ لو كان واحد منهم مستقيم الطريقة لم يجز وضعه في دائرة من يحتمل في حقه ذلك.
وهذا أسلوب فذ في اسقاط خطط الذين يريدون تكريس رموز، واشخاص يريدون أن يقوموا بدور غير مسؤول ويمس مستقبل الأمة، ويؤثر على دينها، وعلى كل وجودها ولو عن طريق تزوير نصوص الدين وأحكامه، والعبث برسومه وأعلامه.
الحراسة وقصة ذكوان:
ونزل (ص) في مكان في الطريق، وعين محمد بن مسلمة في