والمعني: أن نصر الله لكم ببدر، وامداده لكم بالملائكة، وغير ذلك من أمور، انما هو ليقطع الله منهم طرفا، ويقلل عدتهم بالقتل والأسر، أو ليخزيهم ويغيظهم، أو ليتوب عليهم، أو ليعذبهم.
فأما القطع والكبت، فلأن الامر إليه (أي إلى الله) لا لك يا محمد، لتمدح أو تذم، وقد ذكر هذا بنحو الجملة الاعتراضية بين الأقسام المتقدمة. وأما التوبة والعذاب، فلأن الله هو المالك لكل شئ، فيغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء (1).
فلا ربط للآية اذن بالكلام المنسوب إلى النبي (ص). ولو كان الكلام منفصلا عما قبله كما تقتضيه الروايات المتقدمة، لورد سؤال: ان قوله: (أو يتوب عليهم) معطوف على ماذا؟! (2).
هذا، ويجب أن لا ننسى أن ثمة يدا تحاول أن تثبت الايمان للأربعة المتقدم ذكرهم، وهم: أبو سفيان، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحرث بن هشام - ولغيرهم من أعوانهم - ممن صارت السلطة فيما بعد إلى قومهم وأبنائهم. مع أنهم من الطلقاء والمنافقين المؤلفة قلوبهم، ومع أنه قد صدرت منهم أمور تدل على أنهم لم يسلموا، وانما استسلموا كما سنذكره عن خصوص أبي سفيان في أواخر غزوة أحد إن شاء الله تعالى.
استطراد هام:
ومما يلفت النظر هنا قولهم المتقدم: انه (ص) جعل يلعن صفوان وأبا سفيان الخ. فنزلت الآية، فتيب عليهم كلهم.