كانت مودة سلمان لهم رحما ولم يكن بين نوح وابنه رحم 2 - كما أن نفس كونه (ص) شريكا في المصيبة، من شأنه أن يخفف المصاب على الآخرين، الذين فقدوا أحباءهم في أحد، ولا سيما إذا كان مصابه (ص) بمن هو مثل حمزة أسد الله وأسد رسوله. حمزة الذي لم يكن ليخفى على أحد موقعه في المسلمين ونكايته في المشركين، ولم يكن ما فعلته هند وأبو سفيان بجثته الشريفة، وأيضا موقف أبي سفيان من قبره الشريف في خلافة عثمان، ثم ما فعله معاوية في قبره وقبور الشهداء، بعد عشرات السنين من ذلك التاريخ - لم يكن كل ذلك - الا دليلا قاطعا على ذلك الأثر البعيد، الذي تركه حمزة في اذلال المشركين، واعلاء كلمة الحق والدين. حتى أن أبا سفيان وولده معاوية لم يستطيعا أن ينسيا له ذلك الأثر، وبقي - حتى قبره - الذي كان يتحداهم بأنفة وشموخ، كالشجا المعترض في حلقي الأب والابن على حد سواء.
لقد استطاع حمزة أن يحقق أهدافه حتى وهو يستشهد، لان شهادته جزء من هدفه كما قلنا. أما أعداء الاسلام فقد باؤا بالفشل الذريع، والخيبة القاتلة، وانتهى بهم الامر إلى أن يكونوا طلقاء هذه الأمة، وزعماء منافقيها، المشهور نفاقهم، والمعروف كفرهم.
ه: موقف أبي سفيان من قبر حمزة:
وان موقف أبي سفيان من قبر حمزة، ليعتبر دليلا واضحا على كفره، وأنه لا يزال يعتبر حربه مع النبي (ص) حربا على الملك والسلطان، والمكاسب الدنيوية.
وقد دخل أبو سفيان على عثمان، فقال له: قد صارت إليك بعد تيم وعدي، فأدرها كالكرة، واجعل أوتادها بني أمية، فإنما هو الملك، ولا أدري ما جنة ولا نار (1).