وهكذا يتضح: ان موقف الخزاعيين، وعدم التزامهم بنصر قومهم، والحفاظ على أسرارهم أمر طبيعي. كما أن سوء ظن أبي سفيان، وعدم ثقته بهم هو أيضا نتيجة طبيعية للشرك، وعدم الايمان. ومن كل ذلك نعرف أيضا سر عدم تأثير تشجيع النساء في ثبات المشركين، ولم يمنعهم عار أسر نسائهم من الهزيمة، وتركوهن في معرض السبي، مع أنهم أخرجوهن لهدف هو عكس ذلك تماما.
ولكن الامر بالنسبة للمسلمين (الحقيقيين) كان على عكس ذلك تماما كما سنرى.
عنصر السرية لتلافي الاخطار المحتملة:
قد رأينا أن النبي (ص) يأمر أبيا بكتمان خبر مسير قريش، ويستفيد من عنصر السرية، كي لا يفسح المجال أمام الحرب النفسية، التي لابد وأن يمارسها اليهود والمنافقون ضد المسلمين، وليفوت الفرصة عليهم، ويحبط مؤامراتهم المحتملة، لانهم في الحقيقة - وهم العدو الواقعي - هم العدو الأخطر، والمطلع على مواطن الضعف والقوة لدى المسلمين. أي أن اعلان الامر في وقت مبكر لسوف يستدعي اصرارا على معرفة خطة المواجهة مع العدو، وهذا يسهل على المتآمرين والخونة وضع الخطط اللازمة لافشال خطة المسلمين في الدفاع عن أنفسهم. كما أنه يعطي أعداءهم الفرصة لاعلام قريش بالامر، وبكل الخصوصيات اللازمة لمواجهة خطة المسلمين وافشالها، أو على الأقل تكبيد المسلمين أكبر عدد ممكن من الخسائر.
وعنصر السرية هذا قد اعتمده النبي (ص) في أكثر من موقف في معركة أحد هذه وغيرها، كما سنرى.