والمنهي بوجه من الوجوه مع فرض عدم أمارة تدل على ذلك حتى تغير الوجه ونحوه.
وكيف كان فقد صرح الفاضل وابن سعيد والسيوري والشهيدان وغيرهم على ما حكي عن بعضهم بوجوب مراعاة الأيسر فالأيسر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل نسبه بعض الأفاضل إلى الشهرة بل لم أجد من حكى الخلاف في ذلك، وإليه أشار المصنف بقوله:
(ويجب دفع المنكر بالقلب أولا كما إذا عرف أن فاعله ينزجر باظهار الكراهية، وكذا إذا عرف أن ذلك لا يكفي وعرف الاكتفاء بضرب من الاعراض والهجر وجب، واقتصر عليه) مراعيا للأيسر فالأيسر، (ولو عرف أن ذلك لا يرفعه انتقل إلى الانكار باللسان مرتبا للأيسر من القول فالأيسر، ولو لم يرتفع إلا باليد مثل الضرب وما شابهه) من فرك الإذن والحبس ونحوهما (جاز) ودعوى أن إطلاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقتضي الترتيب المزبور - بل قد سمعت ما في بعض الأخبار السابقة من التزام ارتكاب الأثقل من الانكار - يدفعها ما يستفاد من غيرها من مراعاة الترتيب مضافا إلى قاعدة حرمة إيذاء المؤمن وإضراره المقتصر في الخروج منها على مقدار ما ترتفع به الضرورة، بل لعل قوله تعالى (1): " فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله " إلى آخره ظاهر في ذلك باعتبار تقديم الصلح أولا، على أن التعارض بين إطلاق الأمر بالمعروف وبين النهي عن الاضرار بالمؤمن والإيذاء له من وجه، والمعلوم من تخصيص الأخير بالأول حال الترتيب الذي ذكرناه، وحينئذ فالمتجه الاقتصار فيهما على أول مراتب الانكار