أومأ الصادق (عليه السلام) في خير أبي بصير (1) السابق بقوله: " إنه إن كان بين يديك قدر ذراع رافع من الأرض فقد استرت " ونحوه غيره، فحينئذ لا يحتاج إلى الدفاع حتى لو مر فيما بينه وبين السترة فضلا عما لو مر من خلفها، لأن ذلك المرور منه كعدمه بعد السترة. أو لأنه إنما يقدح المرور المتعارف، والفرض أنه قد توقى عنه، وغيره له يثبت الأمر بالتحرز عنه. لاطلاق الأدلة الظاهرة في الأجزاء، ولعل الانكار في النصوص السابقة على من نهي عن المرور إنما كان لوجود السترة منهم (عليهم السلام) بل قد يؤيد ذلك أن مرور المار إنما هو في أرض مباحة ونحوها مما يجوز له المرور فيه، فلا يستحق الدفع والرمي بالحجر ونحوهما من أنواع الأذى المشهورة بين العامة العمياء حتى أنه يحصل منهم بذلك بعض الأحوال المشابهة لأحوال الكلاب والخنازير عند مزاحمتها، بل ربما توصلوا إلى جواز المقاتلة معه لخبر أبي سعيد الخدري المتقدم الذي قد روي نحوه عن دعائم الاسلام (2) عن علي (عليه السلام) أنه " سئل عن المرور بين يدي المصلي فقال: لا يقطع الصلاة شئ ولا تدع من يمر بين يديك ولو قاتلته " وحمله في الحدائق على ما سمعته من الذكرى من التغليظ والمبالغة في الدفع، ولعل ما نراه الآن من بعض السواد من الشيعة مأخوذ من أحوال العامة المزبورة، ولا يخفى على الخبير بلسان الشرع العراف بأحكامه وسهولته وإرادته اليسر وشرع أحكامه على ما يستحسن عند سائر العقول أن ذلك كله مما هو مناف لمذاق الشريعة.
فلا يبعد والله أعلم حمل نصوص الدرء على إرادة التستر لا المدافعة المزبورة التي ربما كانت محرمة على المصلي، كما أن المرور ربما كان واجبا على المار أو مستحبا أو مباحا، بل لا أجد في شئ من نصوصنا كراهة المرور للمار بين يدي المصلي حتى خبر الدعائم