فظهر من ذلك كله أنه يمكن حينئذ نفي كل ما شك في وجوب ستره منها في الصلاة بالأصل السالم عن معارضة الدعوى السابقة التي لا يمكن ثبوتها بالاجماع المحصل، ولا بما يورث الظن المعتد به من الاجماع المنقول وبعض النصوص.
نعم يمكن تحصيل الاجماع على وجوب ستر ما عدا الوجه والكفين والقدمين والشعر والعنق في الصلاة فضلا عن منقوله، إذ المحكي عن ابن الجنيد من تساوي الرجل والمرأة في العورة - مع أنه غير ثابت، لاحتمال وقوع ذلك منه في بيان اتحاد مسمى العورة لا الملحق بها في الحكم من باقي الجسد، كما يؤيده ما قيل من أن المصنف في المعتبر نسب إليه أن المرأة لا تكشف في الصلاة غير الوجه، وإن أبا العباس في المهذب نسب إليه أن جسدها عورة دون رأسها - غير قادح، خصوصا مع عدم الدليل له سوى الأصل المقطوع بما عرفت وتعرف، وما في كشف اللثام من قول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر زياد بن سوقة (1): " لا بأس أن يصلي أحدكم في الثوب الواحد وأزراره محللة، إن دين محمد (صلى الله عليه وآله) حنيف " الذي هو كما ترى ظاهر في غير الامرأة.
كما أنه غير قادح أيضا في الاجماع بقسميه لو كان خلافه في خصوص الرأس على ما حكاه عنه أبو العباس، وإن كان قد يشهد له قول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن بكير (2): " لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة أن تصلي وهي مكشوفة الرأس " إلا أنه - مع قصوره عما عرفت وتعرف من المعارض - محتمل للضرورة، وللتخلي من الجلباب وإن كان عليها خمار، وعن الشيخ " والصغيرة " وفي كشف اللثام " وللنافلة، وأن يراد أنه لا بأس بها أن تكون بين أيدينا مكشوفة الرأس ونحن نصلي، أو وأنت تصلي " وقوله (عليه السلام) في خبر آخر (3) له أيضا " لا بأس أن تصلي المرأة المسلمة وليس