الرجل والمرأة لتحقق الحجز به، وإلا فلا معنى للاستدلال به على الاجتزاء بالمسافة المذكورة، اللهم إلا أن يكون كلاما مستأنفا لا مدخلية في الأول، لكن على كل حال فيه إشعار بالكراهة لما تعرفه إن شاء الله في استحباب السترة عن المارة، وأنها بها ترتفع الكراهة، فبيانها في المقام مما يشعر بكونه مقام كراهة أيضا.
وعلى كل حال فقد ظهر لك من ذلك كله أنه لا محيص عن القول بالكراهة، كما أنه يظهر لك من التأمل فيه وجه النظر فيما أطنب فيه في الحدائق من ترجيح المنع، والظاهر أن المدار في الكراهة أو المنع صحة الصلاتين لولا المحاذاة، فلا عبرة بالفاسدة لفقد طهارة مثلا، أما بناء على أنها اسم للصحيح فواضح، وأما على الأعم فلأنها المنساقة إلى الذهن في أمثال هذه المقامات، بل هي المسؤول عن صحتها وفسادها في النصوص السابقة، فاطلاق الأدلة المقتضي صحة المقارنة لها الفاسدة بحاله بلا معارض.
ومنه يظهر ضعف احتمال التعميم في جامع المقاصد وغيره لاطلاق اسم الصلاة على الصورة غالبا، ولامتناع تحقق الشرط عند بطلان الصلاتين، ولا يجدي التخصيص بقيد لولاه، وفيه أن الاطلاق لا ينافي الانسياق في خصوص المقام، وأنهما عند الصحة لولاه تنعقدان ثم تبطلان، ولا تنعقدان عند البطلان، فلا تبطل الصحيحة منهما، بل هو عند التأمل مرجعه إلى مغالطة، كالمحكي عن بعضهم من المناقشة في أصل الحكم بأن المانع إما صورة الصلاة، وهو باطل، لعدم اعتبار الشارع إياها، وإما الصحيحة، وهو باطل، وإلا لاجتمع الضدان أو ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح، ضرورة عدم كون الشرط الصحة، بل هو عدم البطلان بسبب آخر، ومعناه الصحة على تقدير عدم المحاذاة والتقدم، وما أشبه هذه المناقشة بما وقع لأبي حنيفة في الاستدلال على دعواه من اقتضاء النهي في العبادة الصحة، فلا ينبغي وقوع مثلها بعد وضوح المراد.
ثم لا يخفى أن مقتضى ما ذكرنا عدم الفرق بين معلوم الفساد حال الشروع أو في