كان عرف المتكلم أو مطلقا مع عدم العلم بتغايره. للغة، وأما عرف الزمان المتأخر عن زمانه المغاير للغة فلا يرجع إليه أبدا. مع أن مساعدة العرف لما ذكروه غير معلومة، إذا موافقة عرف العرب فيهما له غير ثابتة، ومرادفهما من سائر اللغات غير معين حتى يرجع إليها.
والثاني: بأن تماميته موقوفة على وجوب الاخفات في التسبيحات في الأخيرتين، وهو ممنوع.
ومنه يظهر ضعف دليل الطرفين، ولكن نقول: أن الجهر المأمور به في الأخبار على هذا يكون مجملا بين معان ثلاثة: التصويت، أو اسماع الغير، أو هما معا، والاخفات أيضا كذلك: الهمس، أو عدم إسماع الغير، أو هما معا.
وليس قدر مشترك يحكم بوجوبه ويعمل في الزائد بأصل البراءة، والاشتغال اليقيني يستدعي اليقين بالبراءة وهو لا يحصل إلا بأن يوجب في الجهر الوصفان:
التصويت وإسماع الغير، وفي الاخفات: الهمس وعدم إسماعه، عملا بأصل الاشتغال، فيجبان معها.
ويظهر أن الواجب في الجهرية التصويت مع إسماع الغير، وفي الاخفاتية الهمس مع عدم إسماعه الكلام والقراءة، لا الهمهمة أو صفير بعض الحروف أو قلقلته ونحوهما، فإنه لا حجر فيه قطعا.
فإن قيل: التصويت يستلزم إسماع الغير، كما أن عدم إسماعه لا ينفك عن الهمس، فيكون إسماع الغير في الجهر والهمس في الاخفات واجبا على جميع الأقوال، فيتحقق القدر المشترك.
قلنا: لو سلم ذلك يعلم - بانضمام الاجماع على عدم جواز اجتماعهما في صلاة واحدة - لزوم تغاير آخر بينهما أيضا من التصويت في الجهر أو عدم الاسماع في الاخفات، ولا يتعين، فيعمل بأصل الاشتغال.
والمراد بالغير اللازم عدم إسماعه ليس الغير المتصل بالشخص، أو القريب بقدر لا يتعارف القرب بهذا القدر عادة، بل بقدر يتعارف من قرب الغير وبعده.