الموافقة إلا لداع كدفع توهم متوهم، وإنكار منكر كان أو ربما يكون لمخالطة (1) الرجل بالعامة أو غير ذلك.
والدليل عليه الاستقراء والتتبع في كلمات أهل الرجال من العامة والخاصة، وإنا نراهم ساكتين عن ذكر المذهب فيمن نقطع بموافقة مذهبه لمذهبهم، وذاكرين مخالفة من كان مشهورا بالمخالفة أو غير مشهور بها.
وكذا يذكرون عدم معلومية المذهب فيمن كان غير معلوم لهم، بل هذا هو مقتضى القواعد؛ حيث إن الغرض الأصلي لأهل الرجال من الخاصة والعامة بيان حال رجال رواياتهم الموجودة في كتبهم وفيما بين أصحابهم، لا بيان حال رجال جميع الروايات.
ولذا ترى أن الغالب في رجال روايات كل فريق من هو منهم، فيكون الغالب فيما هم بصدد بيان حاله هو الموافقة، فجعلها أصلا، والبناء على ذكر المخالفة وعدم العلم بالموافقة أولى من العكس ومن ذكرهما معا؛ لما في ذلك من الاختصار المفقود في غيره.
فعلى هذا لو بنى أحد كتابه في ذكر رجال روايات أهل الإسلام من الخاصة والعامة، فالواجب ذكر الموافقة والمخالفة معا، أو البيان على أحدهما والإشعار به، وكذا لو وضع كل من الخاصة والعامة كتابه في بيان رجال الآخر، فالمناسب البناء على ما هو الغالب فيهم وذكر غيره، فلو تصدى من غير الإمامية لبيان حال رواتهم ووضع كتابا فيه - مثل أن ابن عقدة مع كونه زيديا جاروديا قد ألف كتابا في الرجال الذين رووا عن مولانا الصادق (عليه السلام) أربعة آلاف رجل، وأخرج لكل رجل الحديث الذي رواه كما في الخلاصة (2) - فالمناسب ذكر المخالفة وعدم العلم بالموافقة، كما هو طريقة أصحابنا.