المؤدى هو الواقع فهو، وإلا كان الجري العملي واقعا في غير محله، من دون أن يكون قد تعلق بالمؤدى حكم على خلاف ما هو عليه. وبالجملة: المجعول في باب الأصول هو الهوهوية العملية التي بنى عليها الشيخ في باب الأمارات (1)، انتهى.
ويرد عليه أولا: أن الجري والبناء العملي والهوهوية العملية ليس أمرا قابلا للجعل الشرعي، لأنه من الأمور التكوينية الغير القابلة للجعل، ضرورة أنه فعل للمكلف، فإنه هو الذي يعمل بمؤداها بما أنه الواقع. وأما قوله (عليه السلام):
" بلى قد ركع " فهو يرشد إلى ما ذكرنا من رفع اليد عن الحكم الفعلي، والاكتفاء بخلو المأمور به عن بعض الأجزاء.
وثانيا: أنه على تقدير تسليم إمكان تعلق الجعل الشرعي بالجري العملي فنقول: من الذي أوجب على المكلف، وأجاز له البناء على أن المؤدى هو الواقع؟ فلا محالة يقال في الجواب: إن الجاعل والباعث له على ذلك هو الشارع المرخص في العمل على طبق الأصول، وحينئذ فيعود الإشكال بأنه كيف يجتمع ذلك مع الإرادة الحتمية المتعلقة بفعل المأمور به بجميع أجزائه وشرائطه، كما لا يخفى.
هذا، وذكر في مقام التفصي عن الإشكال في الأصول الغير المحرزة - بعد التفصيل في متممات الجعل - ما ملخصه: أن للشك في الحكم الواقعي اعتبارين:
أحدهما: كونه من الحالات والطوارئ اللاحقة للحكم الواقعي أو موضوعه، كحالتي العلم والظن، وهو بهذا الاعتبار لا يمكن أخذه موضوعا لحكم يضاد الحكم الواقعي، لانحفاظ الحكم الواقعي عنده.