ومنه يظهر بطلان ما ذكره المحقق النائيني - على ما في التقريرات في مقام تصحيح عبادية الطهارات الثلاث - من أن المصحح لها ليس هو الأمر الغيري المتعلق بها، ولا الأمر النفسي المتعلق بذواتها، بل الأمر النفسي المتعلق بذي المقدمة حيث إنه ينبسط على الأجزاء والشرائط، فالمصحح لعبادية الوضوء، المشروطة به الصلاة هو المحقق لعبادية الفاتحة التي هي جزء لها (1).
وجه البطلان: ما ظهر مما تقدم، وهو أن الأمر الضمني المتعلق بالجزء أو الشرط لا يكفي في عباديتهما أصلا لو سلمنا ذلك بعدما كان المقصود منه حصول المجموع أو المشروط، كما لا يخفى.
التنبيه الثالث: في منشأ عبادية الطهارات والحق في المقام أن يقال: إن عبادية الطهارات الثلاث ليست لأجل الأمر الغيري المتعلق بها، بل إنما هو من جهة قابليتها وصلوحها للعبادة، كما هو المسلم من الشرع مع الإتيان بها لله وبداعي التقرب إليه.
توضيحه: أنه لا يشترط في عبادية الأشياء تعلق الأمر النفسي بها، ولا الأمر الغيري، بل يكفي في صيرورة شئ عبادة كونه صالحا لها مع الإتيان بها بداعي التقرب، ومن هنا يقال بعدم الفرق بين التيمم الذي لا يكون مورد الفتوى الأصحاب باستحبابه النفسي وبين الوضوء والغسل المستحبين، كما أفتوا به، فإن مجرد كونه منطبقا عليه بعض العناوين الحسنة في حال الإتيان به مقدمة للصلاة يكفي في صلاحيتها للعبادة في ذلك الحال، ولا يشترط تعلق الأمر به أصلا، وأما في غير ذلك الحال فعدم عباديته إما لأجل عدم انطباق تلك العناوين