مصادفة القطع للواقع ومخالفته، ويندرج المتجري في عموم الخطابات الشرعية حقيقة تصير المسألة من المباحث الأصولية (1).
وفيه ما لا يخفى، فإن دعوى إطلاق الخطاب لا يوجب اندراج المسألة في المسائل الأصولية، فإنها بحث صغروي مندرج في الفقهيات، لأنك قد عرفت أن المسائل الأصولية هي الكبريات الواقعة في قياس استنباط الأحكام الفرعية، كالبحث عن حجية أصالة الإطلاق، لا البحث عن شموله لمورد، وإلا يلزم دخول جل المسائل الفقهية في الأصول، ضرورة أنه قلما يتفق في مسألة من المسائل الفقهية أن لا يقع البحث عن شمول العموم أو الإطلاق بالنسبة إلى بعض الموضوعات، كما لا يخفى.
هل يمكن عد مسألة التجري من المسائل الفقهية؟
ثم إنه قد استشكل في جعل النزاع في حرمة التجري، بحيث صار من المسائل الفقهية بوجهين:
أحدهما: ما ذكره في " الكفاية " من أن الفعل المتجرى به أو المنقاد به بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب لا يكون اختياريا، فإن القاطع لا يقصده إلا بما قطع أنه عليه من عنوانه الواقعي الاستقلالي، لا بعنوانه الطارئ الآلي، بل لا يكون غالبا بهذا العنوان مما يلتفت إليه.
فكيف يكون من جهات الحسن أو القبح عقلا، ومن مناطات الوجوب أو الحرمة شرعا، ولا يكاد يكون صفة موجبة لذلك إلا إذا كانت اختيارية. وزاد في ذيل كلامه: أن المتجري قد لا يصدر منه فعل بالاختيار، كما في التجري