رابعة أيضا، فإن الوجوب المقدمي إنما يتعلق بترك الضد لا مطلقا، بل بتركه الموصل إلى الضد المتوقف عليه، واقتضاء هذا الوجوب للنهي عن الضد العام بمعنى النقيض لا يفيد إلا حرمة نقيض الترك الموصل، وهو ترك الترك الموصل، وهذا بمجرده لا يقتضي حرمة الفعل إلا بناء على توافق حكم المتلازمين، وإلا فقد عرفت سابقا أن الفعل لا يكون نقيضا للترك الموصل، فسراية حكم النقيض إلى الفعل مبني على لزوم توافق حكم المتلازمين، فإن الفعل لا ينفك عن النقيض أصلا وإن كان النقيض ربما ينفك عن الفعل، كما إذا لم يأت في المثال المشهور لا بالإزالة ولا بالصلاة، وحينئذ فعلى القول بالمقدمة الموصلة يتوقف إثبات الاقتضاء على المقدمة الرابعة التي جعلوها دليلا مستقلا في مقابل المقدمية، كما سيجئ، فلا تكون حينئذ دليلا ثانيا، بل تصير من مقدمات الدليل الأول، كما هو واضح.
هذا كله فيما يتعلق بالقول بالاقتضاء من جهة التوقف والمقدمية التي عرفت أنها هي العمدة في المقام.
الاستدلال على الاقتضاء في الضد الخاص من طريق التلازم ويظهر من بعضهم الاستدلال له بلزوم توافق حكمي المتلازمين، وهذا أيضا يبتني على ثلاث مقدمات: الأولى: ثبوت التلازم بين الشئ وترك ضده، الثانية: لزوم اتحاد المتلازمين من حيث الحكم، الثالثة: اقتضاء الأمر بالشئ للنهي عن ضده العام بمعنى النقيض.
أما المقدمة الأولى: فلأن الشئ لا يمكن أن يصدق عليه ضده، وإلا يلزم اجتماع المتضادين الممتنع بالبديهة، فالواجب أن يصدق عليه نقيض الضد، وإلا يلزم ارتفاع النقيضين، فالبياض مثلا لا يمكن أن يصدق عليه السواد، للزوم