التصرف في مال الغير، وعنه إلى مصاديقه يبقى الإشكال في عدم كون مصاديق التصرف في مال الغير بما هي مصاديق له مندرجا تحت مقولة، لما عرفت من عدم مدخلية مال الغير في ذلك أصلا.
فظهر من جميع ذلك: أن المقرب والمبعد إنما هو شئ واحد وأمر فارد، وهي الحركة الأينية، ومع فرض كونه مبعدا لا يمكن أن يكون مقربا، فلا يصلح أن يكون جزء للعمل العبادي أصلا، فالصلاة في الدار المغصوبة باطلة ولو على القول بالجواز.
هذا كله فيما يتعلق بالقول بالجواز.
الجهة الثانية: ثمرة النزاع على القول بالامتناع وتقديم جانب الأمر وأما بناء على القول بالامتناع وتقديم جانب الأمر فقد يقال بصحة الصلاة مطلقا، مثل ما إذا قيل بالجواز، غاية الأمر أنه لا معصية بناء عليه دونه.
ولكن لا يخفى أنه لا يتم ذلك بإطلاقه، بل إنما يتم فيما لو لم تكن له مندوحة ولم يتمكن من الامتثال في غير المكان الغصبي، وأما مع وجود المندوحة والتمكن من الامتثال في غير الدار المغصوبة فظاهر أنه لو صلى فيها لا تكون صلاته صحيحة، ضرورة أن مزاحمة ملاك الصلاة لملاك الغصب وتقديم الأولى للأهمية لا يقتضي أزيد من سقوط ملاك الثاني عن التأثير فيما لو دار الأمر بين إتيان الأولى أو ارتكاب الثاني.
وبعبارة أخرى: دار الأمر بين إتيان الأولى أو ارتكاب الثاني. وبعبارة أخرى: دار الأمر بين امتثال الأمر ومخالفة النهي وبين موافقة النهي ومخالفة الأمر. وأما لو تمكن من امتثال الأمر وموافقة النهي معا، فمن الواضح أنه لا تسقط ملاك النهي عن التأثير أصلا.