سببا لمجهولية شرب الخمر، إلا أنها من قبيل الواسطة في الثبوت، لا الواسطة في العروض، وحينئذ فيصح رفع شرب الخمر لكونه مجهولا.
وثانيا: أنه لو سلمنا أن المجهول حقيقة هو نفس عنوان الخمرية فنقول:
إنه لا بأس في أن يكون الخمر مرفوعا بعنوانه، وحينئذ يترتب عليه رفع الأحكام الشرعية المترتبة على الأفعال المرتبطة به، كالشرب ونحوه.
فالتحقيق في الجواب عن دعوى وحدة السياق ما ذكرنا، ونزيد عليه: أن الموصول لا يدل إلا على معناه الإجمالي الإبهامي، وهو شئ ثبت له الصلة، ولا تعرض له إلى خصوصيات هذا الشئ، ومقتضى وحدة السياق هو الحمل الموصول في جميع الفقرات المشتملة عليه على معناه الحقيقي، كما لا يخفى.
وأما الوجه الثالث: فيرد عليه ما حققناه في المجاز من أن المجاز لا يكون عبارة عن استعمال اللفظ في غير الموضوع له، بل هو أيضا - كالحقيقة - عبارة عن استعمال اللفظ في معناه الموضوع له، غاية الأمر: أنه قد ادعى كون المعنى المجازي من أفراد المعنى الحقيقي، وحينئذ فنقول: إن إسناد الرفع إلى الموضوع المجهول لا يكون مجاز أو إسنادا إلى غير ما هو له، بل إنما هو إسناد إلى ما هو له، غاية الأمر أنه قد ادعى كونه صالحا لتعلق الرفع به، كما أنك عرفت: أن نسبة الرفع إلى الأحكام أيضا لا يكون إلا ادعاء، لما عرفت من ثبوته بالنسبة إلى الجاهل أيضا، ولا يستفاد من الحديث اختصاص الأحكام الواقعية بالعالم بها.