وحينئذ فالشك في كون الموضوع هو جميع أفراد الرجل مثلا أو أفراد الرجل العالم ينشأ من احتمال الخطأ في عدم ذكر القيد، وهو مدفوع بالأصل.
وبالجملة، فمجرى المقدمات هو ما إذا دار الأمر بين الإهمال وغيره، وفي المقام لا مجال لاحتمال الإهمال بعد كون المتكلم متعرضا لبيان الموضوع، وأنه هو جميع الأفراد، إذ بعد دلالة الكلام على هذه الجهة يكون لا محالة الشك في سعة الموضوع وضيقه، مستندا إلى احتمال الخطأ في عدم ذكر القيد، وقد عرفت أنه مدفوع بالأصل العقلائي الذي يقتضي العدم، فظهر أن دلالة مثل لفظة " كل " على العموم لا تحتاج إلى مقدمات الحكمة أصلا، فتأمل فإنه دقيق.
الأمر الرابع: في أقسام العموم ثم إن للعموم أقساما من الاستغراقي والمجموعي والبدلي، والمراد بالأول هو الشمول لجميع الأفراد بلا لحاظ الوحدة بينهما، وبالثاني هو جميعها مع ملاحظة كونها شيئا واحدا، وبالثالث هو الشمول بحيث يكتفى بواحد منها في مقام الامتثال.
والظاهر أن كلمة " كل " ونظائرها تدل على العموم الاستغراقي، ولعل كلمة المجموع دالة على المجموعي.
والظاهر أيضا أن كلمة " أي " ونظائرها تدل على البدلي.
ولا يخفى أن هذه الأقسام الثلاثة ثابتة للموضوع مع قطع النظر عن تعلق الحكم به، كما يشهد بمراجعة العرف، فإنه لو سمع أحد منهم " كل رجل " مثلا لا يفهم منه إلا العموم الاستغراقي ولو لم يعلم حكم ذلك الموضوع فضلا عن كيفية تعلقه به.