بمعنى أنه لو منعه المولى من الثواب بعد الإتيان به، عد ظالما ومورد التقبيح العقلاء، كمن يمنع من أداء حق الغير إليه، وهذا لا فرق فيه بين الآتي بالواجب الغيري وتاركه أصلا، فإنه كيف يستحق العبد على مولاه شيئا بعدما فرض أنه لم يأت بمطلوبه النفسي أصلا، كما هو واضح.
نعم يكون بينهما فارق لا من حيث الاستحقاق الذي يكون مورد النزاع في المقام، بل من حيث الممدوحية والمذمومية عند العقلاء، فإن العبد الذي يأتي بمقدمات الواجب يستحسنه العقلاء لكونه منقاد للمولى مريد للإتيان بمطلوباته وإطاعة أوامره، كما لا يخفى.
ومن هنا يظهر: أنه لا فرق بين ما لو كان العمل متوقفا على مقدمات كثيرة وبين ما لو لم يكن إلا متوقفا على بعض المقدمات، كالحج بالنسبة إلى الساكنين في البلاد البعيدة والقريبة من حيث استحقاق المثوبة على فعل المقدمات وعدم الاستحقاق أصلا.
نعم يمكن أن يقال بازدياد الثواب على نفس العمل فيما لو كان متوقفا على مقدمات كثيرة لا ثبوته بالنسبة إلى المقدمات، كما لا يخفى.
التنبيه الثاني: الإشكال في الطهارات الثلاث ودفعه ثم إنه ربما يستشكل في الطهارات الثلاث بوجهين:
الأول: أنه لا ريب في ترتب الثواب عليها، وفي كونها عبادة مع أن الأمر الغيري لا يكون إلا توصليا ولا يترتب على امتثاله الثواب (1).
ويرده: أنه لو كان المراد بترتب الثواب عليها استحقاق المكلف له