دفع المحذور بناء على المصلحة السلوكية ثم إنه أجاب الشيخ العلامة الأنصاري (قدس سره) عن الإشكال بالتزام المصلحة السلوكية (1)، وفصل ذلك المحقق النائيني - على ما في التقريرات - فقال ما ملخصه: إن سببية الأمارة لحدوث المصلحة تتصور على وجوه:
الأول: أن تكون الأمارة سببا لحدوث مصلحة في المؤدى، تستتبع الحكم على طبقها، بحيث لا يكون وراء الأمارة حكم في حق من قامت عنده الإرادة فتكون الأحكام الواقعية مختصة بالعالم بها. وهذا هو التصويب الأشعري الذي قامت الضرورة على خلافه.
الثاني: أن تكون الأمارة سببا لحدوث مصلحة في المؤدى أيضا أقوى من مصلحة الواقع، بحيث يكون الحكم الفعلي في حق من قامت عنده الأمارة هو المؤدى، وإن كان في الواقع أحكام يشترك فيها العالم والجاهل على طبق المصالح والمفاسد النفس الأمرية، إلا أن قيام الأمارة على الخلاف يكون من قبيل الطوارئ والعوارض والعناوين الثانوية المغيرة لجهة الحسن والقبح، نظير الضرر والحرج، وهذا هو التصويب المعتزلي الذي يتلو الوجه السابق في الفساد والبطلان، لقيام الإجماع على خلافه.
الثالث: أن يكون قيام الأمارة سببا لحدوث مصلحة في السلوك، مع بقاء الواقع والمؤدى على ما هما عليه من المصلحة والمفسدة، من دون أن يحدث في المؤدى مصلحة بسبب قيام الأمارة، بل المصلحة إنما تكون في تطرق الطريق، وسلوك الأمارة، وتطبيق العمل على مؤداها، والبناء على أنه الواقع.